بقلم المهندس عبد الله احمد
ان كنت قويا ، فالكل سيعتبر حقوقك ومصالحك خط أحمر ، وان كنت ضعيفا فلا تبحث عن العدالة ولا تعتقد أن أحد سيعتبر أن لك حقوق ومصالح يجب أن تصان وتحترم .
ولان الدول تعمل من اجل الحاضر والمستقبل ، فلا بد لنا قراءة مؤشرات هذا المستقبل مع أن التبنؤ به أمر صعب ..وكما يقول الفيزيائي الدانماركي ، نيلز بور: "إن التنبؤ أمر صعب للغاية ، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بالمستقبل". إن أي تنبؤ يهدف إلى تحديد الاتجاهات الجيوسياسية الرئيسية التي تشكل النظام العالمي في عام 2035 مثلا ،سيواجه درجة عالية من عدم اليقين. ليس فقط من المستحيل أخذ جميع العوامل الممكنة في الاعتبار ، ولكن هناك أيضاً احتمال لما يسمى أحداث "البجعة السوداء". يمكن تعريف "البجعات السوداء" بأنها حوادث غير متوقعة .
الا أنه من المرجح أن تستمر منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى مليئة بالصراعات ، متزامنة مع كل من النمو الديموغرافي وزيادة الإجهاد البيئ.,والانقسام المجتمعي ، والاستهداف من قبل القوى الاقليمية والدوليه.
ستبقى الدول اللاعب المهيمن في الساحة الدولية ، لكن ما يسمى بالنظام العالمي Westphalian (نظريًا) للدول القومية سوف يستمر في التآكل،يتزامن هذا التآكل في نظام ويستفاليا مع المزيد من الأهمية للجهات الفاعلة غير الحكومية ، سواء كانت الشركات أو المجموعات الدينية أو المنظمات الدولية أو القوات شبه العسكرية ، إلخ.
ويمكن أن يكون للتكنولوجيا الرقمية والابتكارات في تكنولوجيا المعلومات ووسائل التواصل الاجتماعي تأثيرات إضافية على السياسة والمجتمع المدني أيضًا..
من جهة يشير الواقع الحالي في منطقتنا الى وقوع ازمات حادة تضيف تحديات جديدة لا يمكن معالجهتا بطريقة ادارة الازمات عندما تقع ، وهذه المؤشرات تستدعي التدخل الخلاق المبني على رؤى وبرامج تأخذ بعين الاعتبار حجم التحديات والمخاطر .
أن أخطر ما يهددنا هو التنافر المعرفي والتشظي الفكري الذي نتج مع الحرب وقبلها ، حيث نجحت قوى خارجية في تغذيته وصولا الى ماحدث في المنطقة من هجوم جيوسياسي همجي باستخدام كافة الوسائل (الناعمة والصلبة والذكية وحروب الجيل الرابع )، لذلك فإن اي مشروع وطني لا بد من أن يهتم بالبعد الثقافي كركيزة اساسية للنهوض على أن يكون ذلك مترافقا مع تنمية اقتصادية وادارية وسيادة للقانون ، وهذا البعد الثقافي لا يمكن أن يبنى الا من خلال منهجيه ثورية في التعليم ، تهدم البنى والهياكل الحالية والقضاء على الفساد ، والتي ان استمرات فستكون وقود لازمات لا يمكن التنبؤ بها .
الفساد لا يمكن ان يستأصل من خلال تصريحات واجراءات تجميلية هنا وهناك ،ولكن ما هو الفساد ؟
عندما يكون منظري حرب الافكار الامريكي هم المرجع لما يسمى معارضات ويكون جين شارب وجورج سوروس ، وجو ايتو ، وبرنار لويس وغيرهم هم الاباء الروحين لهم، فهذا يعني أن الفساد الثقافي والفكري قد اجتاح هولاء، ولا بد من معالجة هذا الاختراق بالسلاح الفكري تفسه (الاجتياح الفكري التكفيري هو جزء من حرب الافكار)، وهذه المعارضات نفسها هي جعلت من جسدها جسرا لتدمير الدولة والدعوة الى التدخل العسكري هنا يتجلى الفساد السياسي .
من جهة اخرى ….
فإن شراء المناصب والابتزاز والصفقات المشبوهه والمشاريع التي تهدف الى افقار المواطن وزيادة ثروة اصحاب هذه المشاريع وهدر اموال الدولة هو فساد اداري واقتصادي خطير .
وعدم قيام المؤسسات وتقصيرها بالواجبات الاساسية من مشاريع وخدمات لتسهيل حياة المواطن ابتداء من نظافة البيئة وصولا الى تسهيل الاجراءات هو فساد .
وافقار المواطن من خلال مشاريع ورؤى تقضي على الطبقة الوسطى هو فساد.
والتعليم الذي سيؤدي الى انتاح مجتمع غير قادر على مواجهات التحديات المستقبلية ، ويحمل في طياته مخاطر القفز الى صراعات الماضي المبينة على فكر الدين السياسي هو فساد
الدين السياسي هو فساد .
ان الحكومات التي لا تأخذ بعين الاعتبار ما سبق من اجل محاربة الفساد وتقوية الدولة وتحصين المجتمع تكون حكومات متماهية مع الفساد .
التحديات والمخاطر كبيرة ولا بد من العمل الحثيث من اجل وطن قوي قادر في عالم لا يحترم ولا يراعي الا القوي .
سورية اثبت خلال السنوات السبع انها جديرة بالحياة وجديرة بأن تشغل حيزا في المستقبل يليق بها ،الانتصار على الارهاب المادي والفكري والجوار القريب والبعيد المعادي لا بد ان يكتمل من خلال تقوية الدولة وتحقيق العدالة والقضاء على الفساد .