بقلم خديجة بدور
قال برنارد شو: ( نهاية المشاكل في حياة الناس هي بداية الموت. أي مجتمع يعيش بلا مشاكل، هو مجتمع محكوم عليه بالإعدام).
فلا تصدقوا أفلاطون وهو يحدثنا عن (اليوتو بيا) أو المدينة الفاضلة فمن بين المزايا التي يتمتع بها الإنسان القدرة على حل المشاكل ونحن إذا افتر ضنا أننا حللنا جميع مشاكلنا الملحة……. فليس معنى هذا أننا بدأنا نعيش في المدينة التي وعد نا بها الفيلسوف القد يم فسوف يحمل لنا الغد دائماَ مشاكل جديدة ، مشاكل من صنعنا نحن لكي نجد باستمرار عملاَ يشغلنا عن التفكير والتأمل في الحياة الرتيبة المملة التي نحياها.
لن نخوض في المشاكل التي ينوح تحتها المسئولين ويعملون على حلها.
بل سأتطرق لمشاكل اجتماعية حصلت.
الرجل الأكذوبة
نشأ عصام في أسرة محافظة جداً ومتطرفة, فوالده الشيخ أحمد المشهور كرجل دين لكنه ضيق الأفق متزمتاً صارماً يحجب امرأته وبناته ويفرض الطاعة على ولده ويكره الحرية والاختلاط.
وكانت زوجته الجاهلة تعجب به وترى فيه مثال الرجل الكامل , أما عصام فكان في البدء يخافه بل كان ينفر منه ويتبرم باستبداده و لكن شخصية الشيخ أحمد الصلبة العنيدة تغلغلت في نفس عصام شيئاً فشيئاً , فتطبع عصام بطباع والده وأصبح يقلده حتى شب وترعرع وصار صورة طبق الأصل عن أبيه .
ولما أتم عصام دراسته ونال شهادة جامعية ليصبح مدرساً في إحدى المدارس الثانوية كان أبوه الشيخ أحمد قد توفي فتقمص هو شخصيته وراح يبسط سلطانه المطلق على أمه وأخواته البنات .
طبعاً الأم فرحت بابنها الوحيد فهو على غرار والده فأسلمت له القيادة وفرحت بأنه يعامل أخوانه بنفس الشدة التي كان يعاملهم بها زوجها المرحوم .
لكن عصام لم يكن في كل شيء مثل أبيه لقد كان الشيخ أحمد قاسياً على الغير وقاسياً في الوقت ذاته على نفسه ,كان يطالب الغير بالحشمة والتزمت وقهر الشهوات ثم يفرض كل هذا على نفسه أيضاً أما عصام فكان يقتدي بأبيه في العرض دون الجوهر وفي المظهر دون الخلق كان ينزع مثله إلى العظمة والتحكم والاستبداد ولكنه كان يفصل كل الفصل بين مسلكه في البيت ومسلكه في الحياة .
كان في بيته قاسياً وصارماً على أهله ويبيح لنفسه ما شاء من ملذات الحياة وشهواتها ولايسمح لإنسان أن يحاسبه على سلوكه الشخصي لأن ما يعيب الرجل برأيه هو بخله على أهله وعدم سيطرته على أخواته البنات .
هكذا كان عصام يأخذ بجانب واحد من شخصية أبيه فيغالي في التسلط على بيته ويسرف في الغيرة على أمه وأخواته البنات .ثم يطلق بعد ذلك العنان لغرائزه مطمئناً على شرف بيته وأخواته
كان عصام شاب وسيم عاش رجعياً في بيته وفي دنياه عصرياً مستمتعاً يرتاد المقاهي الكبيرة ويستمتع بشرب الخمر ويلعب الميسر ويتصل بالفاسقات.
بهذا التناقض الصارخ بين مسلكه في بيته ومسلكه في حياته الخاصة .
بهذه الشخصية الموزعة المفتقرة إلى إرادة عاقلة تطلع عصام إلى المرأة وفكر في الزواج كان قد بلغ الثامنة والعشرين من عمره وزهد في حياة اللهو وأبعد نفسه عن الفاسقات وشرب الخمر وأسر بهذه الرغبة إلى أمه التي سرعان ما بدأت تبحث له عن زوجة من أسرة محافظة شديدة التمسك بالدين وجميلة , وأخيراً التقت الفتاة التي تناسب ابنها الوحيد من أسرة متماسكة محافظة جداً . أعجب عصام باختيار أمه فالعروس جميلة ومثله من عائلة شديدة التعصب .
الفتاة تحمل إجازة جامعية لكنه منعها من الوظيفة وأصر على ذلك، رغم أنها فتاة لعوب كانت عاشقة لرجل من غير وسطها ولكنها لا تستطيع الزواج به ولا البوح باسمه لأنها تعلم عدم موافقة أهلها به.
كان النصيب من عصام فقد رضيت به أما قلبها وعقلها بقيا مع عشيقها , فكان لا بد من وسيلة تلتقي به كيف وهي الملزمة بالبيت ليل نهار طلبت من زوجها أن تتلقى دروساً في الدين فمنعها وطلب منها أن تأتي مدرسة الدين إلى البيت وغير ذلك مرفوض .
فكان ذلك كل يوم خميس تأتي مدرسة الدين لتعلمها أصول الدين في غرفتها وعصام ينتظرها في الصالون مع أولادها الأربعة التي أنجبتهم منه .
هكذا عاشت زوجة عصام بدون خروج من المنزل أو زيارات حتى إلى صديقاتها .
وفي إحدى أيام الخميس بينما الزوجة تأخذ درس ديانة من المدرسة قرع الباب ليفتح عصام ويتفاجأ بالشرطة أمام الباب تطلب منه التعرف على الرجل الذي دخل إلى بيته. .
أنكر عصام أن أحداً دخل إلى منزله لقد دخلت مدرسة الديانة إلى زوجته وهي عندها في غرفتها لكن الشرطة لم تقتنع فتوجهت إلى غرفة الزوجة لتجد الرجل معها في وضعية غرام .
صعق عصام مما رأى فمدرسة الدين كان عشيقها وهو يأتي كل خميس ليتبادل الغرام مع زوجته المصون .
وقع عصام على الأرض من شدة الصدمة أما الشرطة فقد أخذت الزوجة وعشيقها للقسم.
كان سائق التكسي التي أتى به في ثياب امرأة قد فضح أمره فبلغ عنه.
خديجة بدور