انتصار سليمان
……شمسٌ تغار من نفسها ….
يا أبي
أين أصرف كلّ هذي القروش
لقد اشتريت ما أردت :
عكازين لقلبي الكسيح
ونظارتين : واحدةٌ لقراءة جهلي
وأخرى تزيدها نمرتين
لتكبّر المصائب أكثر
وقميصين ، واحدٌ فيه
رائحة السماق من كفيّ حبيبي
والآخر قدّ من صدره
لمن أراد خنق هذا الخافق المسكون بالحيرة
وجوربين ، واحداً على مقاس كلّ قدمٍ
والثاني ألبسه مقلوباً
خوفاً من إصابة العين !
****
فيا أبي
أين أصرف كلّ هذي القروش
وقد عددت ثمينها
ولكن سأعدد:
قمراً ضلَّ بوابة الفرح
فتاه في ضلال فضته
حارساً يمشي الهوينى في دمي
فارساً نحر خيوله قدّام عاهرةٍ
باعته نصف دينه
شمساً تغار من نفسها
تتأجج في عطاء النار لنا
ولو كان ماتعطيه نوراً ما أحست دابةٌ باليأس
رماحاً خلفوها لنا وعلمونا صقلها للتفاخر
سيوفاً أعناقها مكسورةٌ
أغمادها عطشى لقطرة عزٍ عابرةٍ
نوماً الأرض سريرٌ كلها
تغط تحت لحاف واحد .
****
فيا أبي
أين أصرف كلّ هذي القروش
فقد اشتريت مايريدون
وما لاأريد :
سعفاً لتحريك العناكب من فوق أفواهنا
حجراً ماعاد يشبه ذاته
بعد أن صار على مقاس الإزميل
شجراً غادر لونه وفطنة الثمار
رصاصاً لانحتاجه إلا لقتل العصافير
ودعاً، البصارة صامتة تقرأ أمسها
صلصالاً أنكرنا
فعدنا ندب ونسعى ولم نصل راحة أقدامنا
غباراً ، من يعرف وجه زوجه أو ابنه
حتى يعرف ذاته من جاره.
****
فيا أبي
أين أصرف كلّ هذي القروش
حتى أشتري
شاهدةً
بلا ندّابة …ولاكفنٍ …ولا قبر …
شاهدةً فقط …
كتب عليها
البحرُ واسعٌ
يا أبي
والقرش مخيف
تكاثروا…
حتى امتلأت بهم الجيوب
فكيف أدير دفتيَّ
بين أنياب قرشٍ
واحترام قرش؟!