كتب نور أبورسان
الهيمنة الأمريكية على النظام الدولي بين الماضي والحاضر
بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وانتهاء الحرب الباردة بينه وبين الولايات المتحدة الأمريكية انتقل النظام الدولي إلى مرحلة جديدة تبلورت بما يسمى "القطبية الأحادية" متمثلة بالولايات المتحدة الأمريكية.
حيث بسطت الولايات المتحدة هيمنتها واستطاعت أن تملك كلمة الفصل في جميع القضايا الدولية، واتخذت القرارات الحاسمة تحت مظلة الأمم المتحدة خاصة أنها عضو دائم في مجلس الأمن الدولي، وهو ما جعلته ذريعة لها لتمرير قراراتها وسياساتها لتطال العديد من دول العالم وسبباً تتكؤ عليه لتبرير تدخلاتها في شؤون الدول الأخرى.
وهناك عوامل عديدة دعمت هذا النفوذ الأمريكي الواسع منها:
– انشغال الدول الأوربية الكبرى بترميم اقتصادها بعد الحرب العالمية الثانية والأزمة الاقتصادية العالمية
– خروج الولايات المتحدة من الحرب العالمية الثانية بأقل الخسائر، بل كانت مدينة للكثير من الدول الاوربية وهذا ما منحها قوة اقتصادية وعسكرية تدعمت بشكل أكبر فيما بعد، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي المنافس
وبعد أحداث 11 أيلول وانتشار الإرهاب الدولي ومن ثم الغزو الأمريكي للعراق والخسائر المادية الناتجة عنه بدأت تتزعزع هذه الهيمنة تدريجياً، وبدأت ملامح النظام الدولي تتغير شيئاً فشيئاً.
حيث بدأت تظهر قوى دولية واجهت أزماتها المادية وطورت اقتصادها واتخذت سياسات داخلية وخارجية تشكل تهديداً للولايات المتحدة، وتمثلت هذه القوى المنافسة بالصين وروسيا، حيث انتعشت الحياة في هذه الدول، وامتلكت مقومات كثيرة أهمها "القوة الناعمة" وهي القوى الاقتصادية والثقافية والموروثات الحضارية التي تمتلكها الدولة، وتدعمت هذه القوة الناعمة بقوة عسكرية، وهذا ما جعلها مصدراً لزعزعة الأمن القومي الأمريكي والسيادة الأمريكية على العالم. ولا سيما أن هذه الدول من الاعضاء الدائمين في مجلس الأمن وهذا ما زادها قوة بسبب امتلاك حق النقض "الفيتو" الذي استخدمته معرقلة تمرير الكثير من المشروعات الأمريكية، وكان هذا واضحاً وجلياً في معالجة الأزمة السورية، حيث وقف "الفيتو المزدوج" الصيني-الروسي عائقاً حال دون تنفيذ القرارات الأمريكية، وهو ما اعتبره بعض المحللين السياسيين انتقالاً من نظام عالمي أحادي القطبية إلى شكل آخر لا قطبي تلوح في آفاقه عدة قوى دولية لكل منها نفوذه وتأثيره على العالم. وكل قوة تسعى إلى الصدارة والاستحواذ على السيطرة المطلقة على الأمم المتحدة.
وفي نهاية المطاف.. يمكننا التسليم بأن السيادة الأمريكية المطلقة أصبحت وهماً غير موجود.. ونحن في طريقنا للعيش في عالم متعدد الأقطاب.. متعدد القوى..