د . م . عبد الله أحمد
من اهم ما يميز الحياة في هذا العالم هو التنوع والاختلاف في كل ظواهر الحياة والطبيعة وهذا ما يعطي الحياة صبغتها المميزة او العبقرية …
انماط فكرية واخرى حية بيولوجية ومادية لا يمكن حصرها في هذا العالم ، والاصطفاء بالمعنى الالغائي لا يبدو مسيطرا في مسار التطور القسري المقيدة بسلاسل الزمن …
في البيولوجيا، نرى التنوع الهائل من الكائنات ما تحت مجهرية الى ما نراه ونحسه ، بالحواس، التي هي احدى تجليات التطور البيولوجي في الجانب الظاهري ، الا أن البيولوجيا ليس فيها قسر او الغاء وانما مسار تطوري وتنوعي يتكامل ليشكل جوهر الحياة بجانبها الظاهري ، وذلك يضفي على الحياة أهم مظاهرها، لانه مرتكزها الاساسي …
إلا أنه في البيولوجيا أيضا ، لا يمكن القفز فوق الحلقات التي تضبط الاجناس وإن كانت الاجناس متشاركة في نمط التطابق الى حد كبير قد يصل الى 99 % في بعض الاحيان ، إلا أن البصمة البيولوجية تختلف بعكس ما حاول داروين ترويجه ، وهنا يكمن إعجاز الخلق والتنوع الطبيعي .
في المادة بشكلها الصلب ، نرى كذلك التنوع المدهش من ذرات التراب الغنية بالحب وصولا الى الاجرام والمجرات ولا ننسى ما يغلف البيولوجيا ويحضنها ، وهذا التنوع هو ضلع الحياة الاخر ومرتكزها الاساسي ايضا …
الا أن اهم ما يميز الحياة بجوهرها المادي والبيولوجي هو التوازن الذي يضمن الاستمرار ، والظواهر العنيفة مثل الزلازل والبراكين ، والطفرات بانواعها ما هي الا تفريغ للشحنات الزائدة من أجل العودة الى التوازن والحفاظ على المسار المنضبط مع سلاسل الزمن المتسارعة الى المستقبل .
إلا أن الاشكالية هي في الفكر ، صحيح أن هذا التنوع الفكري الهائل في العالم المعاصر والذي يتجلى في العادات والتقاليد والطقوس والاعتقادات والاديان والعقائد ، وفي العلم والادب والهزل والعبث ، وهذا التنوع هو ضرورة وهو غنى بالمنظور العام، الا أن الفكر البشري المعاصر يميل الى التطرف والالغاء تحت ثقل المصالح والرغبة في السيطرة ، إي في ممارسة السلطة بكل اشكالها سواء أكانت دينية أو سياسية او مالية بهدف الوصول الى السيطرة الكلية ، وهذا يؤدي الى تحول الفكر الى فعل عنيف إلغائي قسري ، يتعارض مع الانماط الطبيعة الاخرى ، مما يشكل خطرا على الحياة ككل باشكالها المختلفة ، ومن أهم تجليات الفكر الالغائي هو الفكر الديني التسلطي والذي أدى الى ظهور تنظيمات ارهابية من اليمين الى اليسار وكانت النتيجة دمار والم ومعاناه وقتل ، ادمى صفحات التاريخ عبر العصور ، كذلك التسلط السياسي والمالي والذي يهيمن على العالم في عصرنا ويرسم مسبقا مسارات غير طبيعية للتطور العلمي وللفكر الجمعي، ويستخدم كافة وسائل الالغاء من أجل تحقيق الهيمنة على العالم ..
وكنتيجة لذلك يواجه العالم تحديات كبيرة ومخاطر لا يمكن تجاوزها الا من خلال تغير الوعي الجمعي ونمط التفكير السائد وهذا ينطبق على كافة المجتمعات ، الا أن الضرورة تقتضي تغير الوعي الجمعي لمنطقتنا لان التحديات كبيرة .
فلا يكفي مواجهة الفكر المتطرف والدين السياسي الهدام فقط ، وانما مواجهة كل تطرف سواء أكان ذلك تحت اسم العلمانية او الدين او القومية ، كما أنه لا بد من اكتساب مهارات قبول الاخر ، واكتساب مهارات التخلي عن "ألانا " المتضخمة لدى شعوب المنطقة ، لصالح المساواة وقبول الاخر ، وليكن التطرف تراكمي فيما يخص حماية الوطن من الاخطار الخارجية والداخلية ، وتراكمي في رفض الافقار والفساد والتسلط …
الطبيعي ، أن تنطلق السياسة من مبادىء اولية مبنية على فهم روح الشعوب والافراد لمراكمة القوة ، لتصبح الاهداف الاستراتيجية للعقائد الجيوسياسة الوطنية المفترضة قادرة على مواجهة أي تحديات خارجية او داخلية ، وعندها فاللنصر ضمانه أكيدة …
المشكلة في العالم ليست التنوع وإنما القسر الذي يولد التطرف بكل أشكاله ,فالكل يتشارك في امتلاك أجزاء من الحقيقة ولا أحد يمتلك الحقيقة بكل تجلياتها…والادعاء بعكس ذلك هو التطرف الذي يجب محاربته والطفرة التي يجب استئصالها ..الفكر المتطرف يلوث الروح الانسانية ..وللروح حديث آخر .