غيّب الموت أول أمس الثلاثاء 1 كانون الثاني 2019 عالم الاجتماع العراقي متعب مناف عن 80 عاماً، تاركاً خلفه العديد من المؤلفات والأبحاث الاجتماعية، وسيرة علمية امتدت إلى أكثر من نصف قرن.
ويعد مناف من آخر أبناء الرعيل الثاني لرواد علم الاجتماع في العراق بعد علي الوردي (1913- 1995)، وقد اعتُبر أحد أركان ما عُرف بالمدرسة العراقية في علم الاجتماع، مع كلّ من حاتم عبدالصاحب الكعبي وعبدالجليل الطاهر. والمفارقة أنّ الثلاثة تعرّضوا للمضايقة؛ بدءاً من إيقافهم عن العمل وصولاً إلى إحالة إثنين منهم إلى التقاعد كرهاً
ولد متعب مناف في البصرة عام 1939، وحصل على شهادة البكالوريوس من «جامعة بغداد»، ثم الماجستير والدكتوراه من «جامعة سيراكوز» في نيويورك سبعينيات القرن الماضي. تدرّج في جامعة بغداد، من نيل لقب «الأستاذ الأول» لعلم الاجتماع، وصولاً إلى تسلّمه منصب رئيس قسم الاجتماع عام 1987، إضافة إلى عمله أستاذاً زائراً في الأنثروبولوجيا والخدمة الاجتماعية في جامعات أميركيّة وأوروبيّة.
ومثل جامعة بغداد في منظمة اليونسكو لعام 1986-1987. واشرف على أكثر من 50 رسالة ماجستير ودكتوراه.
ترك الراحل العديد من المؤلفات القيمة من بينها: «ثورة على القيم» (بغداد ـــ 1965)، و«الواقع الفكري والمجتمع العربي الجديد» (1966 مطبعة العامل- بغداد)، و«الأسس التكنو اجتماعية للتخطيط» (1976ـ مطبعة الأمة – بغداد)، و«التخطيط والمجتمع: مفاهيم مدخلية وأطر» (1978 ــ منشورات جامعة قاريونس- بيروت)، و«السوسيولوجيا العابرة» (2010 ــ المركز العلمي العراقي- بغداد)، و«تاريخ الفكر الاجتماعي» (2010 ــ المركز العلمي العراقي- بغداد)، و«محاضرات في النظرية الاجتماعية المعاصرة» (2011 دار ومكتبة البصائر- بيروت).
تحمّل متعب مناف كلّ تقلّبات الحياة العراقيّة، ومراحل العنف فيها، وبقيت علاقته بطلبته هي الوحيدة التي أدامت وجوده في بغدادعلاقة أثمرت لاحقاً عن تأسيس «المنصة» التي أرادها منبراً أكاديميّاً حرّاً للبحث في المشكلات الاجتماعيّة. إلا أن الأحلام النبيلة سرعان ما تنطفئ في ظلّ الظروف العامّة، فلم يستمرّ المشروع، إلا أن مناف ظلّ يتابع طلبته الذين صاروا اليوم أساتذة في جامعات العراق، وهذا من ثمار عطائه الذي سيبقى خالداً ويتذكره كلّ من عرفه.
( صحف ووكالات )