أحمد يوسف داود
منْ بعضِ ما تُخفيهِ عاشقةٌ:
إذا ما اللّيلُ أضْواها فأضْناها تَروحُ
ـ وفي يدَيها آخِرُ الأقداحِ ـ
تعتَصِرُ الزُّجاجَ..
وحينَ تَسألُ ظِلّها إنْ كانَ يَشرَبُ
لاترى إلّا غُباراً في يَدِ الرّيحِ المُريبةِ..
والظِّلالُ تُثيرُ عاصِفةً وتَهرَبْ!.
هيَ وَحدَها مازالَ في فَمِها أنينُ الرُّوحِ..
هذا العُمرُ يَذبُلُ في حَقيبتِها
فيُضنيها السُّؤالُ:
أكانَ ذاكَ الوَردُ غُرّاً فاستَراحَ منَ النّدى؟!..
أم إنَّ مَن تَهواهُ غافلَهُ الرّصاصُ
فنامَ عنْ عَبقِ الحِكايةِ في سَريرِ دِمائِهِ
وَغَفا كمَنسِيٍّ وَضاعَ فصارَ أَقربْ؟!.
هي وَحدَها لاشيءَ يُؤنِسُ لَيلَها..
ظمأى وما في الكأس غيرُ نزيفِ أشواقٍ
وآلامِ انتظارٍ ملَّ من أحزانِها فعَصى..
وتُغمِضُ نَرجِساتُ الرَُوحِ دامِعةً
فيَحضِنُ قلبُها جُوريَّ ما انتظرتْ بلا أملٍ
ويَغضَبْ!.
تَغفو حَقيبتُها على الكُرسيّ
وهْيَ تَحومُ بينَ سُجوفِ هذا اللّيلِ:
مافي يأسِ نَجواها سِوى عَبثِ السَّوادِ..
وخَوفُ ماظَنّتْ يَفيضُ منَ النّوافذِ:
(هلْ يَجيءُ الصُّبحُ بالبُشرى)؟!..
مُفاجأةً تَرى نَجْماً كبَسمةِ منْ تُحبُّ يُشيرُ..
تَغدو كأسُها بالنُّورِ طافِحةً.. فتَشربْ!.