.العــراق الشقيــق الجــغرافي ، وســورية الفلقــة الأخـرى مـن الحـبة ………
……….الاتحـاد بيـن سورية والعراق سيعيد التوازن إلى التـاريخ كمـا ابتـدءاه ……..
……….الضــرورة التاريخــية والتغـــيرات المستقبــلية ستـفرضان نفسيـــهما……….
المحامي محمد محسن
ألا تثير الغرابة رغبة الغرب الدائمة تفتيت الشرق العربي إلى دويلات صغيرة على وجه الخصوص ؟؟، دون غالبية دول الأرض؟؟ والحؤول دون استقرارها ؟، بل وبيع أجزاء منها أو المقايضة عليها لدول معادية، [ كليكيا، ولواء الاسكندرون وغيرهما ] هل لاعتبارها أهم منطقة استراتيجية في العالم كما قال نابليون ؟، أم لأنها بوابة الشرق ومنها ينفذون إلى أهدافهم الكبرى في التضييق على روسيا والصين ؟؟، أم هو نتاج الرغبة التاريخية عند الغرب للثأر من الشرق العربي على وجه الخصوص ؟، أم لكل هذه الأسباب مجتمعة ؟ استمر هذا الغرب في اشعال الحروب، يشعل حرباً ثانية قبل أن تنطفىء الأولى، لذلك هل نستطيع التكهن أن هذه الحرب الفريدة والمتفردة والوحشية ستكون خاتمة الحروب ؟، أم هي حرب في سلسلة حروب لن تنتهي ؟، فجميع الحروب التي تفجرت في المنطقة كان الغرب مفجرها بل وشريكاً أساسياً فيها.
.
ولما لم يكتف الغرب بما فعله، عمد إلى زراعة عدو عنصري متوحش وقاتل[ اليهود العنصريون ]، بين شعوبها، والسؤال الاستدراكي : لماذا لم يزرعونهم شرق بحر الخزر، أو في افريقيا ؟، أو تركوهم يعيشون في (غيتوات موزعة على حوافي المدن الأوروبية ) ولماذا اجتثوهم من أوطانهم ومنوهم بوطن بديل ليس وطنهم ؟ ، هل لأن الغرب بذلك يكون قد حقق من هذا الفعل العدواني عليهم وعلى غيرهم، اصابة عصفورين بحجر واحد :
.
ارباك الشعوب العربية الدائم، وذلك بخلق عدو لهم تحت ابطهم، يستنزف طاقاتهم البشرية والمادية، من خلال حروب مستدامة، وبهذا يحجبون أية نسائم لتقدم الشعوب العربية، كما ويمنعونهم من التفكير بأي وحدة أو اتحاد، أما الثانية فهي قلع اليهود من جذورهم في الدول التي يعيشون فيها، وجعلهم يركضون وراء وطن بديل، يقوم على حلم عنصري كاذب، يعيشون فيه حياة عسكرية مستدامة هم فيها تحت الزناد، كوحدات مقاتلة، غير متجانسة وغير مستقرة، يقاتلون عن أرض ليست أرضهم، سرقوها من شعب بعد أن قتلوا بعضهم وشردوا بعضاً وأذلوا الباقي .
.
ومقابل كل هذا مطالبون برعاية وحماية المصالح الغربية مصالح تلك الدول التي شردتهم، وبذلك يكون الغرب قد تخلص من اليهود الربويين ، ووظفهم لقتال دائم مع العرب، ضمن دولة دينية جلبوهم إليها من كل دول العالم، ووضعوهم في بيئة معادية شرقية هم عنها غرباء، يختلفون عن شعوبها بالقيم، والثقافة، والتاريخ، يحملون فكراً صهيونياً عنصرياً متعالٍ عن الواقع، يستحيل عليهم الاندماج في البيئة الجديدة مهما طال الزمن، وسيبقون أعداءً غرباء لشعوبها عبر التاريخ، لذلك وللأسباب التي ذكرنا، يضمرون أسباب موتهم وتلاشيهم في بنيتهم .
.
مزق هذا الغرب شعوب المنطقة، إلى دول صغيرة، ووزعها حصصاً بين دوله كل بحسب قوتها وحجمها الاستعماري، من خلال اتفاقية [ سايكس بيكو عام 916 ]، والتي رفدت [ بوعد بلفور عام 917 ]، ثم اصطنعوا لها حدوداً، على أسس تنطوي في طياتها على التناقضات، القبلية، والطائفية، والمذهبية، والاثنية، وراح الغرب يلعب بهذه التناقضات كألهية، يلعب بها متى أراد، وعندما تقتضي الضرورة يحولها إلى صراعات قاتلة، يفجرها بالكيفية التي يريد، عبر صراعات داخلية بين طائفة وطائفة، وبين قبيلة وقبيلة، وبين دولة ودولة على الحدود أو على المصالح، وهذه اللعبة مستمرة منذ أواخر القرن التاسع عشر وحتى الآن، وحتى تكتمل اللعبة أو تصبح أكثر حدة، قسم أيضاً الدول العربية إلى دول حليفة للغرب أوتابعة، وأخرى بين المعادية أو غير المستسلمة لأمريكا، وزود عملاءه بكل الامكانات ، وطلب منهم أن اقْتتلوا، وأنا الداعم والرقيب .
.
وحتى يطمئن قلب هذا الغرب، بأن لا استقرار، ولا تعاون، ولا تقارب، طبعاً ولا توحد بين أي دولة عربية وأختها، بل تناقض يجر وراءه تناقضاً، ولا بأس من حروب بينية دائمة، تحت اشراف هيكل ( منخور ) تم صنعه في بريطانيا يسمى [ جامعة الدول العربية ]، التي كان من المنطق أن تسعى لتقريب وجهات النظر بين الدول العربية، وإذا بها تتخذ قرارات بإشعال حروب ضدية بين دولها، تنفيذاً لأوامر أمريكا التي استلمتها بالعهدة، كما حدث مع العراق، وليبيا، وسورية ، حيث طالبت هذه الجامعة العرجاء، الغرب بتدمير البلدان التي تنضوي تحت دائرتها، على أن تشارك ممالك النفط بشكل اساسي في هذه الحرب تمويلاً وتسليحاً ورفداً بالرجال المعززين بالفقه الاسلامي التكفيري، وهكذا تمت الصفقة ودمروا البلدان الثلاثة، وجاءت اليمن كجائزة ترضية للسعودية، ولا يزالون ينهضون بواجبهم في تدمير تلك البلدان، والملوك العملاء ساهون، ولا يعلمون من أمرهم شيئاً، وبأن هذه الحروب لم تكن إلا تمهيداً لتدمير بلدانهم من حيث المآل وافقارها .
.
السؤال الذي يسأله كل متتبع، لماذا خسر الغرب أخر حروبهم هذه ؟؟، هل نتيجة الدفع الذي يسببه فرط الاحساس بالقوة، الذي يغتال الحكمة والتعقل والتروي، فيندفع صاحبه بدون هدي وبدون احتساب للنتائج، فيقع في فخ الحقيقة ؟؟، أم أن الواقع الغربي المأزوم عبر عن نفسه بهذه الحرب العدوانية المتوحشة، الذي أوقع العالم كما أوقع نفسه بشر مستطير، من خلال تصنيع جرثومة الطاعون الارهابي، التي تتشبث بالعقول وتنتقل بالعدوى، ويمكن أن تنتشر في كل دول العالم، حيث سيكون مآلها [ أرض الغرب الكافر]، فيكونوا بذلك قد شوهوا الاسلام من جهة، وصوروا المسلم ارهابياً أينما حل، كما خلقوا لأنفسهم من هذا الطاعون الأسود، البعبع الذي سيقض مضاجعهم وسيؤرقهم في المستقبل .
.
وسيبقى السؤال بدون جواب : لماذا كان حظ سورية والعراق من هذا العداء والعدوان على وجه الخصوص وفيراً ؟؟، هل لأن العراق كان عبر التاريخ أخاً شقيقاً لسورية في أي منتج حضاري ؟، وعمقاً جغرافياً، وظهيراً، وشريكاً في مواجهة جميع الحروب والاجتياحات التي تعرضت لها المنطقة ؟، وآخرها حرب عام / 973 / في مواجهة اسرائيل، حتى عندما خرج الملك فيصل من سورية عندما هاجمها ( غورو )، نُصب ملكاً على العراق، لذلك جهد الغرب أن لا يتلاقى البلدان، لأن تلاقيهما يغير وجه المنطقة .
.
………كيف سيكون حال المنطقة لو توحد العراق وسورية ؟؟….
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا أبالغ إذا قلت : عندها سيتحقق الاستقرار للمنطقة لأول مرة منذ قرون، وستنطلق قافلة التقدم، لأنهما يشكلان قوة عسكرية واقتصادية كبيرة، ولأن كل قطر يكمل الآخر في احتياجاته، كما يشكلان سوقاً واسعاً يستوعب كل طاقات البلدين المنتجة، وعندها ستزاح كل أسباب التخلف، وسيفكر المعتدون ألف مرة قبل الاقدام على أي فعل يمس استقلال أي من البلدين الشقيقين، حتى اسرائيل سيكون لها وضع آخر، لأنها لن تتجرأ على العدوان، وهذا سيؤدي إلى تقليص دورها في المنطقة، ، لأن الغرب قد أوجد اسرائيل لتقوم بدور ووظيفة، ومن لا دور له ولا وظيفة ستضمر الحاجة إليه، وهنا سيبدأ الاقتصاديون الاسرائيليون إلى التفكير بالعودة من حيث أتوا، لأن رأس المال جبان وسيذهب حيث الربح والاستقرار، عندها ستتغير بنية المنطقة على كل الأصعدة، السياسية، والاقتصادية، والثقافية .
.
……………………. وعلى الجميع أن يدرك :
………..أن استقرار الشرق العربي هو المخدة لاستقرار العالم …
من هنا علينا أن نُشرف على أهمية التلاقي بين العراق وسورية اتحاداً أو وحدة، وأن ندرك أيضاً أسباب دأب الغرب على منع أي تقارب بين العراق وسورية، ومن هنا علينا أن نفهم افتعال وفبركة زريعة العدوان الأمريكي على العراق، وحشده لكل دول الأرض لتدميره ولا يزال، بحجة كاذبة وملفقة حجة ( كولن باول والزجاجة التي قلبها في الأمم المتحدة ) ، والتي سبت زيفها وبطلانها، ومن نفس المواقع علينا أن نقرأ اسباب الحرب الوحشية على سورية.
.
…….. تعالوا لنقرأ المنتظر من وراء تدمير سورية والعراق…….
1ـــ يعزز مواقع اسرائيل في المنطقة حتى في الخليج النفطي، وتُطلق يديها الطويلتين، وتصبح المنطقة كلها مستعمرة للغرب .
2ـــ وتتنمر جميع القوى المتطلعة للانفصال.
3ـــ ويفتح الطريق أمام تدمير ايران، وحصار روسيا والصين .
…….اما الوحدة أو الاتحاد : فستتقلص اسرائيل ، حتى لا نكاد أن نراها، وستضمر أو تتلاشى جميع الحركات الانفصالية ، وسينفتح العالم عليهما كما خطّا معاً أول حرف في التاريخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
.
نعم يبقى للزمن استراتيجياته المتفاعلة والمتجاورة، وللتاريخ مساره، وسيبقى للمكان أهميته التي لن تنتهي أبداً مهما حاول العابثون، وستفرض المصلحة شروطها، عند أول موجة استقرار للمنطقة، ولعل هذه الحرب ستجلب كل هذا بحكم الضرورة، لأن الضرورة خلقت الحشد الشعبي في العراق ، والضرورة خلقت الصمود الأسطوري للشعب العربي في سورية .
فبغداد كما قال [ هيرودوت ] تجلس بين نهريها ، ودمشق التاريخ تقف على ضفة بردى، لتشكلان حصناً لشرق المتوسط، وسيفتحان الطريق أمام الحلف المشرقي القادر على لجم التوحش الاستعماري الغربي، عندها سيتوازن التاريخ .