أمريكــا تضـع جميـع حلفائــها، ومحمياتها، وتابعيـها، في حــرج مبيــن …….
………هـل ستشـكل هـذه المواقــف سببـاً لتمــلص الحلفاء من تحت وصايتها ؟……..
![](https://pen-sy.com/wp-content/uploads/2019/04/6776.jpg)
المحامي محمد محسن
هل تُقَدِّمُ أمريكا من خلال استخفاف ترامب بالقوانين الدولية، وبالمعارك التي افتعلها العسكرية والاقتصادية مع العدو ، والاقتصادية مع الصديق، هل تُقَدم هذه السياسة النزقة لأول مرة، الأسباب التي تبرر تململ جميع الدول الحليفة لها الأوروبية وغير الأوروبية ، من الوصاية المطلقة التي فرضتها عليها منذ عقود، والتي كان قد وصل الأمر ببعضها إلى إلغاء شخصيتها السياسية المتمايزة عن السياسات الأمريكية، تلك الدول التي شكلت في زمن ليس ببعيد امبراطوريات لا تغيب عنها الشمس، وإذا بها ترفع أصابعها كتلاميذ المدارس بالموافقة على أي قرار تتخذه أمريكا، في أي شأن من الشؤون العالمية، ولا يجوز لها حق التساؤل ولا حتى الاعتراض ، فهل ستكون سياسة ترامب الانفعالية الغاضبة الرعناء هذه، وقراراته التي نقضت جميع الاتفاقيات والقرارات الدولية، سبباً ومبرراً للتململ ومحاولة رفع الغطاء، ومن ثم محاولة التملص، توطئة للخروج من الحظيرة التي حبستها بها أمريكا منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية وحتى الآن ؟؟.
.
أما محميات الخليج وبخاصة السعودية، فلنا بها قول آخر، فهي في وضع أكثر تعقيداً واحراجاً من جميع الدول التي تسير في الفلك الأمريكي، لأن حاميها ترامب الرئيس الأمريكي ( الصريح جداً حد الاستهتار بمن حوله وبالعالم )، كان قد صرح علناً وعلى رؤوس الأشهاد، معلناً ما كان يعرفه كل متابع حصيف للسياسة الأمريكية، [ إشهار واقع اسرائيل المرتبط ببقاء المحمية السعودية، ] حيث قال: لولا السعودية ( لغادرت ) اسرائيل المنطقة ـــ أي لهزمت اسرائيل ورجع يهودها كل إلى جنسيته الأولى ـــ ثم أضاف : ولولا حمايتنا ـــ أي حماية أمريكا للسعودية ـــ لما بقيت مملكة بني سعود اسبوعاً واحداً .
.
هل بعد هذا القول من وضوح وثبات رؤية ؟، والذي أوضح فيه هذا الرجل ـــ الغضوب، المستخف، المأزوم، ـــ أهم ركن من أركان السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط بكل صراحة لا لبس فيها ولا غموض ؟، وبين الارتباط الجدلي بين وجود محميات الخليج ـــ ممالك وامارات ـــ وبين اسرائيل، فكلاهما مرتبط وجودياً بالآخر، التي تحني عليهما أمريكا معاً وتقوم بحماية ورعاية كلا الدولتين، ويمكن أن نضيف لهما الممالك العربية الأخرى، ـــ مملكة الدور والوظيفة ـــ الأردن ـــ، ومملكة المغرب، وما بينهما من دول ودويلات، وصولاً إلى قاهرة المعز التي كانت في عزها أيام عبد الناصرـــ ومع بالغ الأسف ـــ وضعت كل بيضها في السلة السعودية، لتكون لها الضامن أمام الدولة الأمريكية، انسجاماً وتوافقاً مع تبنٍ مطلق لمواقف ( السادات العميل ) وسياساته التي أوصلته إلى الصلح مع اسرائيل، والذي كان قد صرح : أن 99% من اللعبة في المنطقة في يد أمريكا .
.
والقول المذل المهين الذي استكمل فيه تصريحه، [ أن على السعودية دفع ثمن حمايتنا لها ]، ولكن هذا القول لم يكشف كل ما يعرفه الكثيرون عن طبيعة العلاقة بين السعودية والامبراطورية الأمريكية، لأن العلاقة الحقيقية ليست علاقة ندية بين دولة ودولة أخرى بل هي علاقة ( أجير بسيده، السيد يملك المملكة وما تحت أرضها وما فوقها )، ( مقابل استمرار الأسرة المالكة على العرش الذي ينتمي بنيوياً وتشريعياً إلى القرون الوسطى، ) مع ( الحفاظ على كل البزخ المترف، وارواء الغرائز البهيمة )، مع سلب حقها في اتخاذ أي قرار سياسي مستقل، أو حتى التساؤل عن سبب صدور أي قرار، كما وليس لها الحق بعدم الالتزام به، لأن ذلك يهدد برفع الحماية، ومن ثم السقوط .
.
……….فكيف سيكون عليه الموقف السعودي بصفتها الدولة التابعة، من قرار ترامب ( بمنح اسرائيل ) الجولان العربي السوري، وكان قبله قد أهدى اسرائيل القدس عاصمة أبدية لإسرائيل !! .
.
مسكينة هذه المملكة التي باتت في مأزقين وليست في مأزق واحد، فكيف ستخرج منهما، فهي ستخرج مهشمة، مهيضة الجناح، لانفضاح أمرها، وضيق مجال حركتها أمام شعبها والشعوب العربية، فمليكها يلقب ـــ طبعاً اسمياً ــــ خادم الحرمين الشريفين أي [ مكة أرض كعبة المسلمين، وقبر الرسول ـــ + ـــ بيت المقدس مسرى الرسول، والأقصى، وقبة الصخرة، ] ؟، الذي يتنافس شكلياً على حمايتها ايضاً مع ” عبد الله بن الحسين ” مليك الأردن، الذي كان جد جده الشريف حسين أمير مكة والمدينة، الذي طرده السعوديون منهما ؟، لم ننته بعد : ولا بد أن نسأل : ما هو موقف مليك المغرب المؤتمن على يوم، ؟؟ .
.
فما موقف الملوك الثلاثة ” المطلوب منا تعظيمهم ” من سرقة القدس الشريف من بين أيديهم ؟؟، أليسوا مضطرين أمام هذا القرار من الاستقالة من مناصبهم في خدمة القدس وحمايتها ؟ أم سيمتشقون السيوف للقتال ضد أمريكا واسرائيل؟، وكيف لهم ذلك وهم ملوك أجراء لاحول لهم ولا قوة، أم سيكتفيان بقول ــ لا في أروقة جامعة الدول العربية وهنا وهناك ـــ لكن بصوت خفيض، هذا هو الاحراج الأول .
.
أما الاحراج الثاني : كانت السعودية تتخادم مع اسرائيل من خلال الوسيط البريطاني ثم الأمريكي منذ التأسيس الأول، وكذلك حال الممالك والمحميات الأخرى، لأن جميع المصالح الأمريكية والغربية في المنطقة، كانت ولا تزال تتقاطع مع المصالح الاسرائيلية، إذن ولما كانت الممالك الثلاثة، أه كنا سننسى مملكة البحرين وغيرها من الامارات الملتزمة بخدمة السياسة الأمريكية والعاملة على تنفيذها، كانت طوال حياتها تتخادم مع اسرائيل، ولو ادعت قولاً أنها تقف إلى جانب القضايا العربية، وحتى هذا سيبقى خفيضاً وفي حدود الشجب، والتنديد، والاستنكار، ولكن هذا لم يعد مقبولاً، أي على الممالك والامارات المحمية من أمريكا ، منذ الآن فصاعداً، أن تعلن جهاراً وفي رابعة النهار أنها حليفة اسرائيل وتتخادم معها، وإلا ماذا ؟؟ ستكون الفضيحة الثانية .
.
أي أن هذا الرئيس الأمريكي” الشجاع، والصريح ، والمحرج ” جعل اللعب على المكشوف، وبدون أية مواربة أو إخفاء، فهل سيشكل هذا احراجاً لحلفائه وتابعيه ومحمياته ؟، بعد تظهيره لجميع المواقف الأمريكية من جميع القضايا .
.
ولكن علينا أن نعلم أن هذه العلنية الصريحة وغير المعهودة التي ذكرناها، هدف التي دفعت السعودية دفعاً إلى تقديم أجور الحماية، للاستمرار على نفس الاتفاقات السابقة، فأقدمت المملكة صاغرة مع الترجي على قبول، مبلغ متواضع قيمته فقط / 450 / مليار دولار، مع قلادة ذهبية علقها الملك سليمان بنفسه في عنق ترامب الحامي، عند زيارته هو وابنته الجميلة، وصهره الصهيوني كوشنير أرض المملكة، وبداهة لا يمكن لهذه الفاتنة ” المحصنة ” أن تعود مع زوجها إلى الولايات المتحدة بدون تحميلها الكثير من الهدايا، ولكن هذه الأعطيات التي تتناسب وجمالها، بقيت سرية لأنها تمت في غرف مغلقة، أما زيارة كوشنير الصهيوني فلقد أثمرت، اتفاقية سميت ( صفقة القرن ) مع الأمير الشاب محمد بن سلمان ـــ ولي العهد ـــ ، المختص بتقطيع الأوصال في منشار حاد، فطلب منه كوشنير والآن بتقطيع أوصال فلسطين، والتنازل عن القدس كعاصمة أبدية إلى اسرائيل .
.
بذلك يحقق هذا الأمير الشاب استمرار الحماية والدعم، ولكن هذه المرة لن تكون من أمريكا وحدها، بل من اسرائيل الخليلة السرية، التي باتت صديقة بالعلن وبشكل مباشر وعلى سنة أمريكا وتعاليمها، وتنفيذاً لذلك التعهد وتلك الاتفاقية، أمر أمير التقطيع أمير السعودية، أمر محمود عباس للمثول بين يديه، وأعلمه ما تم الاتفاق عليه مع الدولة الأقوى في العالم، وقال له سنسمح لكم بنقل عاصمتكم إلى ضاحية ” أبي ديس ” وبذلك تتوقون غضبنا، وغضب أمريكا، وغضب اسرائيل .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
.
ما أكدنا عليه أوضح أن الوضع في المنطقة العربية بات شديد التعقيد، ولا يمكن حله بهذه السهولة ، فالتحالف بين الرجعيات العربية واسرائيل بات مؤكداً ولا فكاك منه، لأن ذاك بات هو المبرر الوحيد للحماية المشتركة لتلك الممالك ، ولبقاء الممالك والامارات على قيد الحياة، وعلى الرجعيات العربية اتخاذ مواقفها العلنية من هذا التحالف ، فهل هي معه ؟ أم ليست قادرة على معارضته ؟ ولم يعد الشجب أو الادانة مقبولة، لأن المعارك باتت حتمية بيننا وبين اسرائيل، وعليهم الاختيار بين ان تكون ايران هي العدو أم اسرائيل ؟؟!!.
كما أن الموضوع برمته بات مفروشاً على الطاولة، وعلى الشعوب العربية تحديد مواقفها هي أيضاً من هذه المعضلة التاريخية، التي فرضتها حتمية المعركة التي استدعت الحسم، فإما أن تقف ضد ملوكها الذين ألغوا هوياتها الوطنية، من خلال التبعية المطلقة .
أم ستكون استفاقة تاريخية بكل المقاييس لشعوب المنطقة ، تضع حداً لكل الأشراك التي زرعت قروناً أمام التمتع بحرياتها، والخروج إلى الروح المشرقية، وعبق تاريخها، التي حاول الغرب دائماً تحريفهما وسرقتهما،
………. نحن نبشر بالاحتمال الثاني وستكون النقلة النوعية هي الأمل.