مذكرات حملة الجنرال غوابيه من ستراسبورغ الى دمشق
“ضغبنة توارثها مع أجداده عبر أكثر من 800 عام !!!!”
تجميع وتأليف : هيلين دو شامبشنل Hélène de Champchesnel
تاريخ النشر : 2019/01/10
عدد الصفحات : 179
اعداد : د. سمير ميخائيل نصير
*- الجنرال الفرنسي غوابيه هو ماريانو غوابيه Mariano Goybet (1943-1861), ولد في ساراغوسا باسبانيا وتوفي في مدينة ين بمنطقة السافوا في فرنسا. ضابط في فيلق الشرف, شغل العديد من االمواقع القيادية العسكرية في الحرب العالمية الأولى. في عام 1920 تم استدعاءه من قبل الجنرال هنري غورو ليقود الفرقة الثالثة في بلاد الشام… وليكون القائد العسكري لمعركة ميسلون في 24 تموز 1920… وليدخل دمشق في اليوم التالي قبل دخول الجنرال غورو.
*- المؤلفة : هيلين دو شانشيسنل Hélène de Champchesnel, حاصلة على دكتوراه في التاريخ, استاذة محاضرة في العلوم السياسية, مختصة بتاريخ سورية المعاصر.
*- البعض مما كتبته المؤلفة:
– الكاتبة نقلت بأمانة ما سرده الجنرال الفرنسي من أحداث وما كتبه من خواطره المنسجمة مع طبيعة نمط التفكير الاستعماري لرجالات الدولة الفرنسية الى اليوم… ولكنها كان لها رأيها الخاص, كما ارادت في كتابها أن تربط الأحداث الماضية بما يحدث في سورية في عصرنا الحاضر, فكتبت :
– “ميسلون… اسم منسي, وفي أحسن الأحوال يتجاهله بعض المعاصرين الذين يبحثون الآن بفارغ الصبر عن ما ستؤول اليه الأوضاع في سورية”.
– “مقابل ذلك… في الشرق الأوسط، وفي سورية بالذات لم ينس أحد ميسلون”.
– “لا شك أن الانتصار الفرنسي على جيش الأمير فيصل في سورية الذي قاده وزير الحربية الضابط يوسف العظمة وبغالبية عدد كبير من المتطوعين المدنيين, دفن حلم انشاء مملكة عربية، لكنه بالمقابل كان بداية حقيقية للنضال من أجل الاستقلال الذي استمر حتى تم جلاء الجيش الفرنسي”.
-” تعد مذكرات حملات الجنرال غويبه شهادة استثنائية على هذا الحدث الهام، لأنه الرجل الذي قاد القوات الفرنسية خلال معركة ميسلون على أبواب دمشق. هذا الجندي المخضرم، عبر عن نظرته الخاصة الى المشرق… النظرة التي طالما حلمت بها أجيال من الفرنسيين.
– انه يقدم لنا رواية آسرة ودقيقة عن حقبة تبدو بعيدة… ولكن لا يزال يتردد صداها اليوم في مستقبل سورية والشرق الأوسط”.
*- البعض مما كتبه الجنرال غوابيه في مذكراته :
– “دخلت إلى دمشق متقدما الموكب, ممتطياً الجواد، ومن خلفي وحدة الموسيقى العسكرية فرجال المشاة فالخيالة فالمدفعية فالمصفحات فالدبابات، وكانت غاية ذلك إرهاب الناس”.
– “أنا الآن في دمشق ! إن هذا الاسم كان يمثّل لي شيئا خرافيا عندما كنت أقرأه في سجلات عائلتي، وأنا في سن الطفولة .إن جان غويبي الجد البعيد لجدتي من جهة أبي كان وقع في الأسر خلال الحروب الصليبية الثانية سنة 1147 ونقل إلى مدينة دمشق. جان كان من السواد الأعظم، ولذلك لم يعامل المعاملة الحسنة التي كان يراعى بها الفرسان… فجعلوه أهل دمشق يعمل في أحد المصانع التي يصنع فيها الورق من القطن… عمل جان كان شاقا خلال ثلاث سنوات… وبعد ذلك هرب من دمشق وتمكن من الالتحاق بالجيش الصليبي بعد اجتياز آلاف المخاطر… وعندما عاد إلى مسقط رأسه بعد غياب دام عشر سنوات، أسس أولى طواحين الورق التي عرفتها أوروبا”.
*- أصدقائي…
– الملفت أن العقلية الاستعمارية تكاد تكون مشتركة وموروثة لدى سياسي الغرب وقادته العسكرين… فالجنرال غوابيه كان يبحث عن انتقام في حديثه عن أحد أجداده الذي اتى غازيًا الى سورية قبل أكثر من 800 عاما من ملحمة ميسلون خلال الحملة الصليبية الثانية… معبرا عن ضغبنة توارثها عبر أجداده!!!!.
– هذا الرأي يتشارك فيه مع رئيسه الجنرال غورو الذي كثيراً ما كان يجاهر باعتداده أنه واحد من أحفاد الصليبيين الذين غزوا بلاد الشام إبان العصور الوسطى… انه غرب لا يؤتمن… يرى العبودية وسيلة لحكم الشعوب الأخرى… يبتكر الأسباب ويستثمرها لمصالحه الخاصة دون قيم ودون مبادىء.
– احدى الجوانب الملفتة في خواطر هذا الجنرال المعتدي… انه يستحلب سيرة أحد أجداده من غياهب التاريخ ويتحدث عن معاناته عندما كان محجوزا في دمشق حيث تعلم حرفة لم يكن يعرفها أبناء جلدته… وليعود الى بلاده ليؤسس من خلال ما تعلمه مشروعا هو الأول من نوعه في أوروبا آنذاك!!!… انها ذات الانتقائية وذات الكيل بمكيالين.
*- أصدقائي…
– – الصحافي والكاتب الفرنسي جوزيف كيسِّل Joseph Kessel جاء إلى سوريا في العام /1927/ في مهمة للاطلاع ودراسة مجرى الأمور بخصوص الثورة السورية الكبرى /1025-1926/. فكتب في دراسته :
“من الواضح بأن جميع الأنظمة السياسية لن تجد لها نفعا هنا، حيث إنه ليس هناك بين البلدان ما هو بالطبيعة أكثر تعقيدًا وأكثر صعوبة وأكثر ثورة ضد أي تدخل في شؤونه من هذا البلد: سورية”.
*- أصدقائي… أخوتي في الوطن… نحن السوريون المتجذرون في الأرض والتاريخ لن يقوى علينا قراصنة الغرب وبرابرة الخليج… والتاريخ سيعيد نفسه… وذكرى الجلاء ستكون ملهما إضافيا لقيامة سورية المنتصرة على الذين اعتقدوا أنهم يمكن أن ينجحوا مرة أخرى بإيقاظ أحلام من تاريخ سبق أن فشلوا فيه أكثر من مرة.