بقلم د . وسيم وني / مدير مركز رؤية للدراسات والأبحاث في لبنان
أيام قليلة تفصلنا عن الذكرى المشؤومة لنكبتنا حيث تم اقتلاع شعب بأكمله من وطنه وتدمير كيانه وتهجيره ظلمًا وعدوانًا ، على مرأى ومسمع من العالم الذي يدعي الديمقراطية والحضارة والإنسانية ، النكبة التي فرضت على شعبنا الفلسطيني وجعلته يسكن المخيمات ويعيش حياة اللجوء والهجرة ، يعيش حياة البؤس والفقر والحرمان والمرض ، وحرمانه من هويته الوطنية ..( 15أيار) 1948 تاريخ لن ينسى في ذاكرة شعبنا الفلسطيني .
لقد رأى العالم خلال واحد وسبعين عاماً أن هذا الشعب الأبي لايمكن أن يقبل بهذا الهوان والظلم الذي أصابه ولم يسقط وطننا ولم تسقط قضيتنا الفلسطينية كما أراد لها الطامعون والمحتلون وأذناب الاحتلال والمطبعون.
صراعنا صراع وجود لا صراع حدود
إن المتابع لقضيتنا الفلسطينية منذ اغتصاب فلسطين بات يدرك بأن صراعنا مع هذا العدو صراع وجود لا صراع حدود ( حسب ما يروج له العدو الصهيوني ) ، فهذه حقيقة لم تعد تقبل الجدال فيها وتؤكدها استراتجية العدو الصهيوني من خلال الجرائم والإبادة الجماعية والتطهير العرقي الذي مارسه ويمارسه العدو بحق شعبنا الفلسطيني منذ اغتصاب فلسطين ، وكل ذلك يصب في سياق هدف العدو ألا وهي طرد شعبنا الفلسطيني من أرضه وسط إصرار صهيوني على مسح وإبادة الذاكرة الفلسطينية في محاولة يائسة لقطع روابط الشعب الفلسطيني وأجياله بتاريخه، بوطنه.. بحضارته المترسخة في أعماق التاريخ منذ الكنعانيين وإلى يومنا هذا.
صفقة القرن ( رغم عدم نشرها رسمياً حتى الآن ولكن ترجمتها العملية واضحة المعالم)
“صفقة القرن” المصطلح الذي تسعى من خلاله الإدارة الأمريكية والعدو الصهيوني على إنهاء القضية الفلسطينية بالتعاون مع حلفائها العرب الذين انتقلوا من مرحلة الدفاع عن القضية الفلسطينية في فترة قد خلت لمرحلة الصمت المريب ثم إلى مرحلة المشاركة الفعلية في التصفية والتآمر على قضيتنا، فقد بات تصفية القضية الفلسطينية قربان تثبيت بعض الحكام العرب على عروشهم ولعل آخرها ما نشرته الصحافة الصهيونية لبعض تفاصيل ما يسمى ” صفقة القرن ” وفي اختبار لردود الفعل الفلسطينية والعربية والدولية .
وأبرز مانشرته الصحافة الصهيونية مؤخراً أمران مهمان وخطيران ألا وهما :
الأول : يتعلق بسكان القدس الفلسطينيين من قبل والذي يوحي بأن الخطة تتضمن سحب هوياتهم المقدسية، وبالتالي إلغاء حق وجودهم في مدينتهم المقدسة .
والثاني : التأكيد بأن وضع القدس سيبقى على ما هو عليه، أي أنها ستبقى تحت السيطرة والسيادة الإسرائيلية المطلقة.
وإذا جمعنا الأمرين فإنهما يعنيان بأن الخطة الأميركية تفتح الطريق لتنفيذ تطهير عرقي جديد ضد سكان القدس الفلسطينيين.
أما الأمر الذي يثير السخرية فهو التأكيد على أن الكيان الفلسطيني في قطاع غزة وما تبقى من الضفة بعد سرقة معظمها لصالح الكيان الصهيوني، سيكون منزوع السلاح بالكامل ومجرد من أي إمكانية للدفاع عن النفس، ولكن سيكون عليه دفع تكاليف حماية الحكومة الصهيونية وجيشها.
وتفسير هذا بأن شعبنا الفلسطيني سيبقى خاضع للاحتلال، ولنظام الأبارتهايد الصهيوني وسيترتب عليهم أن يدفعوا لإسرائيل ثمن إحتلالهم لأرضنا وثمن ما يتكلفه جهاز الأمن الصهيوني لإستبعادهم وحتى إبادتهم ، ولن يسقط نظام الأبارتهايد ما دام مربحًا، وما لم تصبح تكاليفه أكبر من مكاسبه.
وأخيراً نقول لترامب وصفقته ومستشاريه وللعدو الصهيوني والمطبعين بأن شعبنا لن ولم ينسى ولن يغفر وسيظل متمسكا بحقوقه الثابتة والمشروعة وإن أي حديث عن السلام والأمن والاستقرار سيكون بلا معنى اذا تم تجاوز حقوقنا المشروعة ولن يكون مصير «صفقة القرن» أفضل من سابقاتها من المشاريع التصفوية التي أحبطها شعبنا الفلسطيني بصموده ونضاله وتضحياته سيسقط هذه الصفقة .