أمس ِ حادثته ُ
أمس ِ حادثني
وبكينا معاً جرحنا
كيف حالك ؟
حالي كحال الوطن ْ
*****
فاتني أن أو ِّدعه ُ
فاته ُ أن يودِّعني
لم نكن نقرأ الغيب َ
لكنه –اليومَ– يقرأ من دفتر الغيب ِ
أشعارنا
ثم يهتف لي بوحه ُ
–والصَّبا جاء يحضنني–
كيف حالك ياصاحبي ؟
كيف حال الوطن ْ ؟
*****
آخرون َ ،
على شاطئ البرتقال قضَوا نحبهم
لم أسلِّم على الطرقات التي
سلكوا وعرَها
غير أني رأيت ُ جناح البراق يلوِّح
لي
وقرأت رسائلهم في رموش السديم الذي
طاف حول غزالاته ِ وهو يسألني :
كيف حالك يا صاحبي؟
كيف حال الوطن ْ ؟
*****
عاشقون َ ،
انتهى شوطُهم ،
عاشقين َ مضَوا
خلَّفوا فوق خدِّ المرايا الخجولة ِ
تفاحَهمْ
نقشوا بيدراً من حروف أحبَّتهم
في جبين الصخور ،
على صفحات الصنوبر والسرو ِ ،
بين أفاريز تلك القناطر ِ ،
غابوا بعيدا ً
….بعيداً
ولكن َّ شمسهم ُ
ماتزال البريدَ الذي يودِعُوهُ أشعَّتهمْ
في الصباح ِ
وينتظرون الغروب َ
على جمر لوعتهم
يسألون قطار النوى :
كيف حال ” الحبايب” من بعدنا ؟
كيف حال الوطن ؟
*****
هل أقول لهم ؟ :
مات فينا ربيع الفصول ِ
ولم يبق َ إلا الخريف ُ الذي
عاد يحمل أوراقه ُ حطباً
وبقايا كفن ْ
هل أقول لهم ؟ :
بؤسنا
— منذ دهر ٍ من التيه ِ–
باق ٍ على حاله ِ
كلما غيَّب الفجر من دربنا
وثناً
عجن الليل من طينه ِ
ألف َ تاج ٍ لألف ِ وثن ْ
*****
أيها الأصدقاء ُ !
أقول لكم :
طيلسان ُ السواد ِ يلف ُّ المدينة َ
لكنَّ عين َ”اليمامة”ِ تبصر ُ خلف َ
جدار ِ الظلام ِ قباباً من الكُحل ِ
كانت رياح ُ الجنوب ِ تقطِّرها
راية ً…رايةً
نجمةً…نجمةً
ليمر َّ على روح أطفالنا برقُها
فيراقص ُ ضحكتهم ْ
ويسامر ُ ألعابهم ْ
ويشد ُّ العزائم َ
حتى إذا كبروا
وكبرنا جميعاً بهم
حان موعدنا مع “طبولِ الخليلةِ”
في الموسم المرتجى
هاااا…رياح ُ الجنوب ِ اللواقح ُ
هبَّت سراعاً على رونق ِ
الأرض ِ
تُحيي خصوبة َ أرحامنا
ثم تبعثكم من زمرُّ دِها
ثم تحملكم مطراً
وعنابرَ قمح ٍ
يجدِّد أفراح َ هذا الوطن ْ
*****
لن أقول َ لكم أيها الأصدقاء ُ :
وداعاً ،
ولكنني سأقول لكم ْ :
تصبحون على وردة ٍ
زرعتها الطفولة فينا ، وفيكم
سياجاً
لعيد ِ
الوطن ْ
(* )
طبول الخليلة :
معتقد شعبي فحواه أن السماء تزف ُّ الشهداء والقديسين
بموكب من نور يرافقه قرع الطبول والمزاهر .
******************************
محمد حمدان