د . م . عبد الله أحمد
الجنة التي يتكلم عنها الكهنة والأديان كبداية ونهاية من خلال إسقاطات مادية بحتة تبدو قصة خيالية اسطورية اخترعت من أجل تفسير ما لا يمكن تفسيره ،” أي الخلق” وعلاقة المخلوق بالخالق ، فمن جهة يفسر الطرد من الجنة على أنه نتيجة للخطيئة التي ارتكبها الإنسان (المبرمج على اقتراف الخطايا) والخطيئة هي المعرفة ، ومن جهة أخرى يكون الخلاص من الحياة الدنيا (النسخة المادية للجنة بكل تفاصيلها) من خلال المعرفة التي ترتقي بالفكر والإنسان إلى حالة أسمى أي إلى الجنة ، وهكذا تبدو المعادلة مستحيلة – المعرفة كانت سببا في الطرد من الجنة والمعرفة هي الطريق اليها …وهنا المفارقة …وقد يقودنا ذلك إلى القول إن الجوهر أكثر عمقا وتعقيدا مما تحاول الأديان تلقينه ..(أو ما هو ظاهر من هذه الأديان)
العلم لا يستطيع تجاوز العتبة كذلك ، وليس مهما إذا كان أصل الإنسان من الفضاء الخارجي أو بتدخل مخلوقات أكثر تفوقا وتقدما (أدى ذلك التدخل إلى ظهور الإنسان العاقل ) لأننا في هذه الحالة (الأسطورة) نتحدث عن نفس الطبيعة المادية ، وبالتالي هذا التفسير لا يقدم ولا يؤخر ..لان العلم يتعامل مع الواقع- أي مع الموجود (أي بعد الخلق ) ، بكل الأحوال المنطق والتفكير العلمي والبصيرة تثبت أننا مخلوقات نعيش مرحلة “الحياة” وهذه المرحلة ليست فقاعة مفرغة “تزول بالمطلق ” الحالة تزول ولكن زوال الحالة هو تحول إلى حالة أخرى مبهمة من حيث التفاصيل كما هي الحالة التي سبقت تشكل الفقاعة ..
بكل الأحوال كان الدين منذ البداية عامل تقسيم وصراع لأنه لم يكن ملاذا معرفيا وإنما أداة للسيطرة وهكذا نرى أن معظم الصراعات والكوارث كان سببها الدين ، بعد أن كان الصراع من أجل الغذاء والجنس (إشباع غرائز البقاء) في القبائل البدائية القديمة ، وصراع من أجل البقاء في ظل التحديات التي تفرضها الطبيعة ،وكان من المفترض أن تؤدي الأديان إلى إشباع روحي وأخلاقي ..ولكن للأسف استخدمت من أجل استعباد الآخر ..قد يقول البعض أهكذا تطرح الأسئلة ؟ وقد يكون الجواب ..المهم أن تطرح الأسئلة …
هل من حل في الأفق .. يبدو الإنسان في أزمة وجودية حيث فشل النظام العالمي خلال المراحل التاريخية المختلفة من تحقيق التوازن الإنساني ، والسبب بسيط هو الهيمنة والتسلط المادي على الفكري والروحي ، ولا يمكن لهذا التوازن أن يتحقق دون إعادة التوازن بين الروحي والمادي…وهنا تكمن المعضلة …