حسام خلف
_ في كتابه فجر طاقتك الكامنة يقول ديفيد فيسكوت : (“افعل ماتراه في صالحك ليس من الأنانية أن تفعل مايكون في صالحك أسعد نفسك دون الالتفات الى آراء الآخرين فأنت لن تلوم الآخرين بشأن إسعاد أنفسهم ”
” افعل ماتريد لأنك تريده ؛ إرادتك كافية لتبرير ماستفعله ” .
” ليس الموت إلا نهاية الفرصة المتاحة لك لتحقيق نجاحك ” بتصرف ).
يحاول ديفيد فيسكوت من خلال فلسفته والتي تعبر بشكل عام عن فلسفة مابعد الحداثة الغربية تشكيل وعي الإنسان حول سبل نجاحه ؛ والهدف صناعة الإنسان الناجح القوي أو السوبرمان بتعبير نيتشة الفيلسوف الأبرز في العصر مابعد الحديث .
من أفكار مابعد الحداثة أيضا القطيعة مع الأخلاق الدينية والتي يسميها نيتشة أخلاق العبيد ويحرض على اعتناق أخلاق السادة ويعني بها القوة والسؤدد واكتساب المجد الخ .
من العظيم أن يسعى الإنسان إلى النجاح والقوة لكن المخيف أن يتحول إلى إنسان لاهث خلف السراب؛ فالضعف وقلة الحيلة عناصر أساسية في تركيبة الإنسان وإن امتلك أدوات تجعله متفوّقا على بقية الكائنات .
يقول الإمام علي (ع) بمامعناه: ( عجبت للإنسان تقتله الشرقة وتؤلمه البقة وتنتنه العرقة ).
ولهذا ركزت الأديان سماوية وأرضية _على عكس ماتفعله الجهادية الدينية المارقة والفلسفات الذرائعية – على صناعة الإنسان الفاضل الصالح لأن الإنسان القوي قد يشكل خطرا على نفسه وعلى الآخرين بالأسلحة الفتاكة وغيرها إن لم تؤطر قوته الحكمة والفضيلة…
تصنع هذه الأفكار فيما يتعدى فوائدها الإيجابية كالتغلب على بعض المعيقات النفسية والاجتماعية ؛من الإنسان شخصا عجولا مندفعا مغامرا ومتهورا ربما ؛
ولايمكن لكائن مندفع بأقصى سرعة أن يتزن على الطريق أو أن يعيش السكينة .
حاولت فلسفة مابعد الحداثة التخلص من روحانية الدين وأخلاقياته الداعية إلى الرحمة والرأفة بوصفها أخلاق عبيد فأعلنت على لسان زرادشت نيتشة موت الإله .
وفي الجانب الآخر حاولت التخلص من عقلانية الحداثة دفعا إلى التحرر والانعتاق من كل قيد لتنتج الإنسان المنفلت من عقاله على حد تعبير علي حسين الجابري .
تحاول الفلسفات والأديان تخليق الإنسان الأمثل بوصف الإنسان صيرورة تشكلها الأفكار التي بدورها تخلّق الطباع والسلوك .
ولأن حاجات الإنسان متعددة الجوانب بتعدد جوانب تكوينه المتمثلة بالجسدوالعقل والروح فكان لابد لصناعة هذا الإنسان الأمثل من تكامل وتعاضد الفلسفات والعلوم والأديان التي تشكل مثلث الحضارة الإنسانية من خلال الإجابة على أسألة الدهشة والرهبة والحاجة حسب وصف الفيلسوف العراقي علي حسين .