٠
المفكرالعربي الأستاذ:أحمد كرفاح
هذاهوالإصلاح السياسي الذي يطالب به الشعب السوري الشقيق في هذه المرحلة من تاريخه٠
تحية و سلاما واحتراما لكل معارض في سوريا الشقيقة أمابعد: إن الوضعية التي تعيشها سوريا اليوم ماهي إلا حلقة من الحلقات التي عاشتها العديدمن الشعوب العربية، وهذه الأحداث كانت منتظرة والخشية اليوم أن تدخل سوريا في دوامة من الصراع الذي لا يبقى و لا يذر إن لم يسارع أبناء سوريا الشقيقة إلى إيجاد حل عادل وعاجل، لأن هذه الأحداث دلت على أن سوريا بحاجة إلى تغييرات جذرية في الأفكار والأشخاص والممارسات لاسيما إشراك الشعب في إدارة شؤونه، ذلك أن أية حكومة لا تتعاون مع الشعب لا يمكن أن تحقق شيئا مادام مستقبل سوريا بيد شبابها الذي لم تدنسه بعض الممارسات السياسية المتعفنة، هذا في وقت يرى فيه شباب سوريا المتجمهر في الساحات العمومية أن الذين تولوا مسؤوليات في السابق وأوصلوا سوريا إلى هذه الأزمة حتى وإن كانوا قد لعبوا دورا تاريخيا كبيرا في بناء سوريا، فإنهم قد شاخوا وتخلفوا عن ركب المجتمع السوري الذي يتغير ويتقدم ويطالب بالأفضل، لأن هناك أفكارا ولدت وأن هناك نقاشات فتحت وأن هناك جيلا يطالب بحقوقه ويحاكم جيلا آخر، وهذا بلاشك سيجعل الأمور أفضل·
أيها المعارضة السورية:
إن الواجب الوطني يفرض عليكم كمواطنين سوريين مخلصين لبلدكم سوريا العريقة المشاركة في البحث مع المخلصين عن شيء من المنطق في معالجة شؤونكم السياسية بعيدا عن الانحياز الأعمى والمغالطات الجدلية من أجل الوصول إلى حقيقة الداء واكتشاف الدواء الذي هو في نظركم الديموقراطية في معناها الصحيح تحقيقا لهدفين تحرصون عليهما كل الحرص وتعملون على تحقيقهما في أقرب وقت ممكن·
الأول: أن تعرف سوريا طريقها إلى علاج مشاكلها بجدية دون أن تترك نفسها لمزيدمن التجارب العشوائية الفاشلة·٠
الثاني: أن تجنبوا البلاد وتجنبوا الشعب السوري الشقيق الذي تحمّل حتى الآن فوق طاقته من تراكم المشكلات وآثارها وحتى لا ينزلق إلى مخاطر أخرى قد تعطل مسيرته نحو المستقبل، فالوقت لا يزال متسعا لعملية إصلاح حقيقي قبل فوات الأوان· وإذا كنتم تؤمنون بأن الديموقراطية كفيلة بالخروج من المأزق، فإن عليكم أن تدعو كل صاحب رأي أن يضع رأيه أمام الشعب وعليكم جميعا أن تقبلوا بما يختاره الشعب·٠
منطلقات المرحلة الصعبة هذه:
الدستور: يجب أن يكون دستور سوري صادر عن إرادة الشعب تعده لجنة مختصة يختارها الشعب ويثق فيها، وهذا معناه أن يكون الدستور صادرمن إرادة الشعب لكي تلتزم به الحكومة وليس الحكومةهي التي تصدر الدستور لتفرضه على الشعب، لذا نرى أنه يجب تشكيل لجنة مختصة من أساتذة القانون العام وعلماء الشريعة وعلم النفس والاقتصاد لمراجعة الدستور، وهذا التعديل يقوم على عدة ضمانات·
أنكم تعهدون بالمهمة لمن هو أجدر للقيام بها وهم علماء الاختصاص احتراما لعلمهم وتقديرا للعلم في ذاته على أن تمارس اللجنة عملها بعيدا عن الوعود بالمناصب· لكي تجعل أمانة المواطن ومسؤولية العلم، هذا الدستور الذي تقترحه هذه اللجنة يحظى برضا الشعب السورري الشقيق· كما أن الدستور في دولة مثل سوريا التي تتغنى بالديموقراطية وتتبناها، يتضمن في نصوصه طريقة تعديل حكم من أحكامه بشرط أن تثبت التجربة ضرورة هذا التعديل وأن تصدر نزولا عند رأي الأغلبية وهي طريقة تجتمع لها عدة مزايا أهمها إتاحة الفرصة الكافية أمام التطبيق الفعلي لكل حكم من أحكامه وعدم التسرع في التشريع، إلى جانب التسليم للأغلبية بأنها صاحبة القرار· ومع أهمية النص المراد تعديله يشترط الدستور الديموقراطي أغلبية تتناسب مع هذه الأهمية، فهناك نصوص يحتاج تغييرها إلى الأغلبية المطلقة، كما أن هناك موادا أخرى يتم تعديلها بنسب تتفق مع أهمية التعديل·٠
الحكومة: حكومة تمثل أغلبية الشعب السوري، تأتي نتيجة انتخابات حرة ومحايدة لا يشوبها لا تزييف أو توجه٠·
المناصب الرئيسية: يتم تولي المناصب الرئيسية عن طريق الانتخاب المباشرمن الشعب على أن يكون من حق الأحزاب السياسية التقدم إلى الشعب بمرشحيها مباشرة لشغر هذه المناصب مع عمل الدعاية الانتخابية اللازمة لهؤلاء المرشحين·٠
تأقيت المناصب السياسية الرئيسية في الدولة: لأن تأقيت السلطة في حياة الإنسان يجعل الشخص يولها مصلحة شخصية في المحافظةعلى تطبيق القانون وعدالة تطبيقه أيضا، لأنه في يوم من الأيام سيتحوّل إلى شخص عادي ينزل من على خشبة المسرح السياسي ليتحوّل إلى واحد في صفوف النظارة، وحينئذ سيكون في بقاء حكم القانون ضمانة له يحافظ عليه، وهو في داخل السلطة ولا يتعدى حدوده·
المؤسسات السياسية: أن يصبح الشعب السوري هو المهيمن على مقدراته أساسا، وذلك بأن يفسح المجال له ليكوّن مؤسساته الحقيقية الأحزاب التي تكون تعبيرا حقيقيا عن اتجاهات شعبية أصيلة لها قادتها وزعماؤها ولها برامجها وأهدافها ولها صحافتها الحرة المعبرة عنها، كما أنه من الحقوق الأساسية للمواطنين تأليف الأحزاب السياسية إذا لم تخالف ثوابت الشعب، ولم ترتبط بدولة أجنبية في ولائها والفصل في ذلك أو في اتهام يوجه للحزب من الأحزاب من حق القضاء المختص كي لا تتحكم السلطة التنفيذية في هذا الحق وفي الحريات السياسية الأخرى للتخلص من المنافسين والانفراد بالسلطة دون الآخرين، هذا مع أن الشعب في حقيقته هو مجموعة من الأفراد، ومن بديهيات الأمور أن الفرد السوري لا يستطيع أن يواجه السلطة ولا أن يتحداها، فالسلطة لا تحدها ولا توقفها إلا سلطة، ولذا لابد أن يكون الشعب من التنظيمات السياسية ما يجعله قادرامن خلالها أن يفرض إرادته في مواجهة مشاكله، فالأحزاب السياسية في سورياهي الأصل الذي يجب أن تنبع منه كل سلطات الدولة السورية، فمن الطبيعي في داخل المجتمع أن تتعدى الآراء وأن تتباين وجهات النظر بحكم الاختلاف والتباين بين الأفراد، وهذا الاختلاف والتباين ضروري لإثراء الساحة السياسية السورية وتعميرها وتقدمها، ولكي يصبح لهذا الاختلاف معنى في حياة المجتمع لابد أن يكون هذا الاختلاف منظم وهذا التنظيم يشمل ناحيتين:
أن ينظم كل أصحاب اتجاه صفوفهم في جمعية أو حزب معروف مبادئه، محدد أهدافه، مفتوح أبوابه لكلمن يريد الانضمام إليه من المواطنين٠·
أن ينظم أصول الحوار بين الأحزاب المختلفة، وهذا أمر طبيعي لأن من المفترض أن الجميع يضمهم وطن واحد وروابط مشتركة، وإذا كان هناك اختلاف فما ذلك إلا لأن كل فريق يرى أنه عن طريق برامجه وأهدافه يمكن أن يحقق أكبر قدرمن الصالح العام للمجتمع السوري كله·٠
الإعلام: أجهزة إعلام حرة ومستقلة تسمح بخلق قوة الرأي العام بما تنقله إلى الشعب من حقائق وما تضعه أمامه من مختلف وجهات النظر ومقتضى هذا لابد من توفير حرية الصحافة وحرية إصدار الصحف وحيادة أجهزة الإعلام العمومية المختلفة تؤدي دورها في نقل صورة أمينة للأحداث العامة إلى الشعب٠·
القضاء: أن يتم حياد القضاء واستقلاله ووحدته بعيدا عن الصراعات السياسية، وذلك حتى يتمكن من تأدية وظيفته بعيدا عن أي تأثيرات تنعكس على حسن أدائه لواجبه الأول، هو إرساء العدل في المجتمع، ويدخل في حياد القضاء ألا تدخل عليه صورا ليست منه، وهو القضاء الاستثنائي، وهذا معناه لا يحرم المواطن السوري من قاضيه الطبيعي تحت أي ظرف من الظروف·٠
علانية التصرفات العامة: وهي أحدى الركائز الأساسية للديموقراطية في سوريا، وذلك حتى تتحقق رقابة الرأي العام على تصرفات السلطات في سوريا، وذلك أمر طبيعي تحتاج إليه السلطة باستمرار باعتبارها نابعة من الشعب نبوعا عضويا، وهي تحتاج إلى إقناع المواطن العادي بسلامة تصرفاتها حتى يتعاون معها في إنجاح السياسة العامة وحتى يشعر بولاء السلطة له واحترامها لدوره في الرقابة عليها·
الحوار: إقامة حوار شامل ومعمق بحيث يغطي جميع جوانب الأزمة وأن يفتح للجميع دون شرط أو قيد لمناقشة أسباب الأزمة بكل حرية وللبحث معا عن حلول ناجعة بحيث تقضي على هذه الآلام التي تعيشها فئات الشعب السوري والخروج النهائي من هذه الأزمة المتفاقمة والمتشابكة التي طالت مدتها·٠
وفي الأخير: وهكذا تنتهي الإقصاأت السياسية التي أدخلت سوريا في مأزق سياسي خطير واشتراك الشعب في اتخاذ القرارات المتعلقة بمستقبل البلاد، وهكذا تحققون لسوريا هدفين أساسيين:
الأول: ستعرف طريقها إلى علاج مشاكلها بجدية دون أن تترك المزيدمن التجارب العشوائية الفاشلة·
الثاني: ستجنبون الشعب السوري الذي تحمّل حتى الآن فوق طاقته من تراكم المشكلات وأثرهامن الانزلاق ولو عن غير إرادة منه إلى مخاطر قد تعطل مسيرته نحو المستقبل ثم لتجعلوا مصلحة سوريا فوق الجميع ومستقبلها مرهون باتخاذ التدابير اللازمة والتسامح والوئام بين الوطن الواحد الذي هو سوريا، ووفقكم الله في خدمة سوريا والشعب السوري·