حسان يونس محمود
قبل ساعة طرق الباب وحين خرجت لآرى من طرق بابي في هذا الصباح، وجدت طفلاً في العاشرة يطلب مالاً.. يطرق الأبواب باباً بعد باب، ولأنني اكره هذه الظاهرة التي اصبحت متفشية في كل مكان ، أرتأيّت أن أعلمه درساً ، قلت له انظر الى هذه الحديقة الصغيرة امام بيتي ، أريد ان تنظفها وبعد ذلك أطرق الباب ، وبعد نصف ساعة طرق الباب وحين خرجت قال لي وملامح المسكنة والمذلة قد فارقت وجهه ، وقال :(عمي خلصت) نظرت الى الحديقة وأثنيت على جهوده وأجزلت في العطاء، ثم مضى وطرق باب بيت جيراني …فتح الباب وسمعته يقول مخاطباً جيراني ، هل تريد ان أنظف لك الحديقة ، وشعرت في داخلي أنني استطعت أن أعلمه قيمة العمل والاعتماد على النفس وهوان التسول.
– إنّ الاعتماد على النفس يعدّ أمراً اساسياً يساعد على التمتُّع بحياة مستقلة وتحقيق النجاح في المستقبل، إذ إنّ الحياة المستقلة تُعدُّ هدفاً بحد ذاته يسعى الكثيرون إلى تحقيقه، بحيث يكونوا قادرين على العيش ضمن مبادئهم ومعتقداتهم الخاصة بهم، دون الاعتماد على غيرهم من الأشخاص في تسيير أمور حياتهم، وغيرها من الفوائد التي تعود على الفرد .
- -هل من المهم الاعتماد على النفس؟
يمكن تعريف الاعتماد على النفس بأنّه سلوك يتميّز به بعض الاشخاص يجعلهم قادرين على عيش واقعهم وفق تصوّراتهم وأفكارهم وآرائهم ومشاعرهم دون الاعتماد على الغير، فالشخص نفسه هو من يقرّر تفاصيل حياته وشروطها،وينعكس اتّصاف الفرد بالاعتماد على نفسه إيجابياً على حياته، وفيما يلي بعض من هذه الفوائد:
1-يزيد الثقة بالنفس واحترام الذات: إن الاعتماد على النفس يساهم في زيادة ثقة الفرد بنفسه واحترامه لذاته، بسبب قدرته على تحمّل مسؤولياته وتحقيق أهدافه.
2-تنمية الابتكار: يُشجّع الاعتماد على النفس الشخص على تنفيذ جميع الأفكار التي تتبادر إلى ذهنه دون خوف أو تردد، وهذا يساعده على الابتكار والإبداع.
3-حل المشكلات: يساعد الاعتماد على النفس على تنمية القدرة على حل المشكلات واتّخاذ القرارات، وذلك بسبب زيادة القدرة على الاستقلالية.
4-تطوير قبول الذات: يساعد الاعتماد على النفس على قبول الذات والتعاطف معها، وهما أمران مهمان لأيّ شخص.
5-اكتساب الطاقة الإيجابية: يزيد الاعتماد على النفس من شعور الشخص بالرضا عن نفسه وعن محيطه، ويجعله أكثر موثوقية أمام الآخرين، ممّا يزيد من طاقته الإيجابية.
6-بناء المرونة: الشخص الذي يعتمد على نفسه يكون قادراً على مواجهة تقلّبات الحياة باستقلالية، ممّا يُكسبه المرونة التي تساعده على التغلُّب على ما يواجهه من تحديات وصعوبات بنفسه.
7-تخفيف العبء على الوالدين: في حال كان الفرد في مراحل الدراسة، فحين يعتمد على نفسه ويعمل بجدّ على تحقيق أهدافه وبناء مستقبله بنفسه، ستقل حتماً مسؤوليات والديه اتجاهه.
- -كيف أعتمد على نفسي؟
فيما يلي بعض الطرق التي تزيد من قدرتك على الاعتماد على نفسك:
1-كُن على اطلاع: حافظ على القراءة باستمرار والاطّلاع على آخر الأخبار والمعلومات فيما يتعلّق بمكان إقامتك، ومدرستك أو عملك، والعالم بشكلٍ عام، فذلك يزيد من قدرتك على الاستقلالية عن الآخرين، واتّخاذ قراراتك الخاصة بك.
2-تدرّب على تحمّل المسؤولية: يساعد تحمّل المسؤولية على الاستقلال عن الآخرين، لِذا حاول البحث عن تجارب تساعدك في التدرّب على تحمّل المسؤولية؛ كدفع الفواتير الخاصة بك بموعدها المحدد، والالتزام بتنظيف غرفتك، والاستيقاظ صباحاً في الموعد المحدد دون مساعدة أحد، كما يمكنك تحمّل مسؤولية البحث عن وظيفة مناسبة لك، أو اختيار التخصص المناسب لك لدراسته.
3-اتّخذ قراراتك الخاصة: لا تسمح للآخرين باتّخاذ قرارات تخصّك نيابةً عن نفسك، فذلك يُعدّ دليلاً على اعتمادك على غيرك والتخلّي عن استقلاليتك، لِذا اتّخذ قرارات الخاصة لوحدك بالاعتماد على الأهداف والأحلام التي تسعى لتحقيقها.
4-كُن واثقاً من نفسك: ترتبط الثقة بالنفس بقدرتك على الاعتماد على نفسك، لِذا ثق دوماً بنفسك وبقراراتك، واتّخذ الخطوات المناسبة في تحقيق أهدافك بثقة ودون الاعتماد على أحد.
5-فكّر بشكلٍ مستقل: فكّر بما تريد ولا تعتمد في طريقة تفكيرك على غيرك، ولا تسمح لأحد بأن يجبرك على فكرة معينة، وحاول أن تطوّر من تفكيرك ليصبح إبداعياً، وعبّر عنه بحرية أمام الآخرين.
6-اعرف نفسك: اعرف نفسك وكن كما تريده أنت، وذلك من خلال التعرّف على قدراتك، ومواهبك، وميولك، واختر ما تود أن تكون عليه بناءً على تلك الميول والقدرات، ومثال ذلك، إذا أراد والدك الطبيب أن تخطو خطاه وتصبح طبيباً، فتأكّد من أن ذلك المجال يناسب ميولك وقدراتك، وإذا لم يكن كذلك، فاختر مجالاً آخر يناسبك، ولا تخشَ من التعبير عمّا تريده أمام الآخرين.
7-حافظ على استمرارية التعلم: تأكّد من مهاراتك وقدراتك إن كانت تسمح لك بتحقيق أهدافك، وإذا لم تكن كذلك فحاول التطوير من نفسك من خلال حضور الندوات، أو التدريب المستمر، أو قراءة الكتب، أو دراسة تخصص معين يؤهلك لتحقيق ما تريده، ويمكنك الاستعانة بالآخرين عند مواجهة مشكلة معقّدة.
8-ابحث عن طرق صحيّة للتعبير عن مشاعرك السلبية: إذ إنّ تنظيم عواطفك ومشاعرك والتحكّم بها يزيد من قدرتك على الاعتماد على نفسك، وعليه حاول التعرّف على مشاعرك السلبية وكن قادراً على التحكّم بها، والتعبير عنها بطرقٍ سليمة، ومثال ذلك؛ في حال شعرت بالغضب من أمرٍ ما، فحاول تجاوز ذلك الغضب من خلال ممارسة نشاط أو رياضة ما كالجري، أو تجربة رياضة تنافسية مع الآخرين.
في_الإعلام_هوية
المنتدى_الإعلامي_للمحتوى_الرقمي
