إعادة تسويق الصهيونية
( الديانة الإبراهيمية )
منذ زراعة هذا الجسد الغريب الشاذ ( إسرائيل) فى الخارطة والزمن العربي بل منذ التفكير فى زراعته بشكلٍ علني فى مؤتمر (بال) بسويسرا عام 1897 وهو المؤتمر الذي حضره ثلاثة وثلاثون صهيونيًا من كافة أنحاء العالم ليضعوا اللبنات الأولى لأكثر المشاريع الإستعمارية وحشية وعداءً للإنسانية ؛منذ ذلك التاريخ وفرق الاستطلاع الثقافي من المستشرقين لم تكف عن التفكير فى وضع مشاريع ثقافية لتبرير وتجذير وجود هذا الكيان اللقيط !! ومن هذه المشاريع – ما أثير وروج له فى السنوات الأخيرة على أكثر من صعيد والذي جاء هذه المرة بشكل واضح وصريح تحت لافتة الدين الذي كان يتم تجنبه سابقًا بشكل ظاهر رغم حضوره بقوة فى الخلفية – الديانة الإبراهيمية نسبة إلى النبي إبراهيم الأب الأكبر لأصحاب الديانات السماوية المعروفة وتهدف الديانة الجديدة-ظاهريًا- إلى العمل على المشترك الثقافي والأخلاقي والديني بين الديانات السماوية الثلاث لإيجاد صيغة للسلام والتعايش الذي تفتقده المنطقة العربية تحديدًا ؛الخارطة المستهدفة دائمًا لكل أشكال التجربب الاصطلاحي والاستعماري !! والمنطقة المحيطة بالضرورة بالكيان الصهيوني صاحب براءة اختراع الفكرة والمروج لها ! الفكرة التي أطلقها للمرة الاولى تحت هذا الاسم المستشرق الفرنسي المعروف لويس ماسينيون -المحقق العلمي لتراث الحلاج – فى مقال شهير عنونه(بالصلوات الثلاث لإبراهيم ) المصطلح الذي ظل يقفز للسطح على استحياء فى كتابات متناثرة يقف وراءها- بالحتمية-مفكرون ينتمون للمشروع الصهيوني وليس أوضح من وجود إسرائيل فى الخلفية من إطلاق ترامب على اتفاقات التطبيع الأخيرة بين بعض الدول العربية وإسرائيل بالاتفاق الإبراهيمي أو باتفاق إبراهام، هذا إلى جانب ورود اسم الديانة الجديدة( الديانة الإبراهيمية) أكثر من مرة فى مضابط مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي تم تدشينه عقب انتهاء الحرب الباردة أوائل تسعينيات القرن المنصرم ؛ المشروع الذي تم إنجاز معظمه وبأكثر مما كان يطمح واضعو المشروع من مفكري الصهيونية العالمية الذين يضعون-على عكس ما تفكر الذهنية السياسية – الثقافة والفن والإعلام فى مقدمة مشاريعهم التي تبدو سياسية فى ظاهرها ، المحزن فى الأمر أن يتم تمرير هذه المشاريع بأيدي وأموال العرب المستهدف الأول والوحيد بهذه المشاريع وعلى جثة القضية الفلسطينية القضية العادلة التي تكاد تكون التمثّل الأوضح للهوية والشخصية العربية ، على أية حال مازلنا فى بداية الطريق لهذا المشروع الذي بدأت تداعياته- على الصعيد الدولي والإقليمي والعربي- قبولًا ورفضًا وتوطيدًا !!من بعض الجهات والهيئات العامة والخاصة؛ ويبقى الرهان الأكبر على وعي الإنسان العربي الذي يقاوم بصلابة نادرة كل أشكال ووسائل التطبيع مع الكيان الصهيوني رغم سطوة وضراوة وهيمنة إعلامه وثقافته .
ا. سامح محجوب
كاتب و إعلامي مصري