لم أعرف السرّ الذي جعل آلة التفتيش في مطار بغداد أثناء عودتنا إلى بيروت تستنفر على حقيبة ملابسي، وطلب المسؤول إعادتها للتصوير عدة مرات، وأخيرا طلب مني أن أفتحها.
هنا ضربت أخماسًا بأسداس، فحقيبتي تحتوي كل ما تحويه حقائب النساء عادة، ملابس خارجية وداخلية وماكياجات وعطور، وأنا بالكاد استطعت أن أوضّبها.
وهنا همست بأذن الضابط أنني أفضّل أن تأتي السيدة لتفتيشها، فابتسم وأرسل السيدة.
فتحت الحقيبة المرتبة بإتقان ومددت يدي لأتناول زجاجة العطر فهي فرصة لأتعطر فاصطدمت يدي بشيء قاسٍ، أخرجته فوجدته ملفوفًا بقطعة من ملابسي بدقة…. وتذكرت …. إنها أحجار الهملايا!!!
وعادت بي الذاكرة إلى يوم وصولنا بغداد وقت ذهبنا مع أصدقاء إلى مطعم (بيارة دمشق) المطلّ على نهر دجلة، والسيدة التي تبيع البخور والأحجار الكريمة وفي زاوية كان ذلك المصباح الذي يعطي ضوءًا أخّاذًا جذبني من النظرة الأولى.
اشتريته وسألتها عن طريقة حمله فأشارت علي أن ألف كل قطعة بمحرمة ثم بقطعة ثياب وأفرقهم بين ملابسي.
بدأت بإخراج القطع الواحدة تلو الأخرى ووضعتها على الطاولة وبدأ رجال الأمن يتجمعون وكل واحد يأخذ قطعة ويتفحصها وبدأت الاتصالات بالجهات العليا لأخذ التعليمات.
وهنا تذكرت ما قالته لي السيدة وبدأت أشرح لهم عن هذه الحجارة التي تعمل على خفض تلوّث الهواء والأيونات السالبة والتلوث الإلكتروني ، بالإضافة إلى خفض أعراض أمراض الربو والحساسية وأمراض أخرى…
كان الجميع يستمع بلهفة إلى هذه الصفات الجميلة عن هذا الحجر السحري، سيّما وأنني توجهت إلى السيدة التي فتشت الحقيبة وأخبرتها عن أهمية ملح الهملايا في إزالة التوتر عند وضعه في ماء الاستحمام فلمعت عيناها.
بعد أكثر من نصف ساعة جاءت التعليمات أن هذه الأحجار غير ممنوعة وسُمح لي بوضعها في الحقيبة.
أرجعتها كلها داخل الحمالة الخاصة بها وأغلقت الحقيبة التي صرخت بي قائلة: مبسوطة حضرتك؟ أكثر من ساعة وأنا عرضة لأنظار المارّة بسبب إعجابك ببضعة أحجار، وأنا التي أرافقك وأتحمل ما تفعلينه بي لم أسمع منك يومًا كلمة ثناء
قاطعتها: تتحملينني؟
أجابت: نعم، هل أعدّ لك أسماء وأعداد الكتب التي تضعينها داخلي وتجعلينني أمشي بثقل بدل أن أتمايل بدلال كغيري!
قلت: آه، يعني لا تمانعين أن تحملي الكتب، أما هذا المصباح اللطيف فقد استكثرتِه عليّ؟
أجابت: الكتب رسالة…. أما….. حسنًا إذا وضعتِه في غرفتي فلا بأس سأسامحك هذه المرة
هززت رأسي وأجبتها: سأفعل فقد تتبخر هذه الأيونات السلبية من حضرتك وتتوقفين عن كيل الانتقادات لي والاعتراض الدائم.