سألني أحدهم بعد أن قرأ كتابي الأخير أسئلة يحتاج كل منها إلى كتاب للإجابة، ولكن لا بد من كلمات مختصرة توجز وتجيب…
س: هل كل هؤلاء البشر مجرد صور أو أوجه للروح البشرية التي تنعكس في كل فرد بطريقة فريدة؟ أما هي أرواح منفردة منفصلة تائهة ومعزولة تبحث عن طريق للعودة إلى مصدرها؟ …نحن صور لما يمكن أن يكون، كل فرد هو انعكاس لحالة، ومع كل سنة نرتفع درجة أو أكثر أو ننخفض حسب تطور الفرد فنرى هذا الانعاكس بصور محتلفة. كأنها غرف لجدرانها مرايا عاكسة بدرجات متفاوتة، وكلما ارتفعت درجة تغيرت الألوان وأصبحت ترى بشكل مختلف وقد لا تعجبك ألوان الغرف الأدنى مستوى. نحن أوجه مختلفة للروح تنعكس بشكل مختلف في كل شخص ولكن جوهرنا واحد.علينا أن نفهم ذلك لكي نفهم الحياة
س: هل نحن منفصلون عن الأبعاد الأخرى؟ هل الأبعاد الأخرى موجودة؟ وهل أجزاء منا تعيش حياة موازية في أبعاد أخرى؟ هل نلتقي بها؟ هل هي تيارات تلتقي تارة وتنفصل تارة بشكل مؤقت؟ الأبعاد تتداخل وعددها كبير ولكن لا يملك أحد المعرفة المطلقة لعددها ولماهيتها، وبالفعل هناك أجزاء منا تعيش حياة موازية في عوالم أخرى وذلك عندما تتراجع سيطرة العقل الواعي وبالأخص عند النوم أو التأمل أو الصلاة . وتأتي الاشارات أحيانا من خلال رؤى في المنام، أو من خلال الحدس، ولو لم تكن مألوفة لعقنا الباطن لكانت كل أحلامنا مجرد كوابيس أو لما كانت هناك أحلام أو رؤى. بينما يتراجع هذا الأحساس أو الفعل عند يتولى العقل الواعي الذي يستخدم الحواس لتفسير الواقع القيادة . وهكذا نرى أن الأشخاص الأكثر نمواً على المستوى الروحي هم أكثر قدرة على تفسير تلك الاشارات وفهم جوهر وماهية الحياة المذهلة المستمرة في أبعاد ومستويات مذهلة.
س: ما الفرق بين الصلاة والتأمل؟ الـتأمل هو الانفتاح وتهيئة للجسد كمستقبل . والصلاة هي التوجه لشيء، الصلاة محددة الهدف وهي قناة للوصول إلى هذا الشيء أو الهدف. لا صلاة بلا تأمل، ولا معنى لـتأمل دون صلاة.والصلاة ليست طقوساً محددة، فالصلاة كما التأمل حالة.ولا يمكن الوصول إلى أي تلك الحالة بدون معرفة وفكر وتوجّه ونية للارتقاء.
س: هل للأرقام أو للكَلَمَات طاقة وأسرار؟ للأرقام طاقة وللكَلَمَات أيضاً، وكل ما في الكون مخلوق وفق هندسة مقدسة، أينما ذهبت هناك نسبة فاي، وأينما ذهبت في العالم الصوفي ترى الأرقام ومعانيها من النظام الثلاثي إلى السباعي ..إلى الاثني عشرَ. ولا ينتهي الأمر عن ذلك، ففي صبغيات الحمض النووي أرقام وخزائن للمعلومات. وللأرقام علاقة مع الطاقة والتلاعب بها وفي الأهرامات أسرار وأسرار. وللكلمة طاقة، وللون طاقة وللصوت أيضاً ومن هنا كانت الترانيم الموسيقية، والتي هي محاولة للتناغم مع الكون لأجل فهمة ومن ثم اكتساب الطاقة والقدرة على التلاعب بها. الروح طاقة والكلمة طاقة.الروح هي الكلمة. وكل شيء بدأ من كلمة .
س: ماذا عن الزمن؟ يمكن أن تعرّف الزمن بتعاريف مختلفة وقد تكون كلها صحيحة، فالزمن طاقة تدور، والزمن الذي نعرفة مرتبط فقط بالبعد الثالث، وهو سهم متجه إلى الأمام، ولا عودة إلى الوراء، ولا سفن ولا تقنيات يمكن لها أن تجعلنا نبحر إلى الوراء لأن ذلك يعني إن حدث (وهو لن يحدث في هذا البعد) أننا قد انتقلنا إلى بعد أخر، وهكذا نكون قد قفزنا فوق هذا البعد إن صح التعبير. ويمكن أن يكون الزمن وهماً إن أدركنا أن هذة الحياة في هذا البعد هي مجرد مرحلة نعيش فيها الثنائية وتقيّدها الحواس. لكن الزمن في الأبعاد العليا ليس بالضرورة سهماً متجهاً إلى الأمام وإنما في كل الاتجاهات وبالتالي يتلاشي مفهوم الزمن لأن ذلك البعد غير محدود والروح غير مقيدة بجسد محدد.
س: إن كانت كل الآمهات مقدسات وكل الأطفال أبرياء من أين أتي هذا الشر الذي يجتاح العالم؟ الأمومة حالة وكذلك الطفولة، فلو استمرت الطفولة مع نمو البشر ولو استمرت الأمومة كحالة لما كان هناك شر أو ظلم. نقدّس الأمومة والطفولة لأنهما انعكاس لما يجب أن يسود .
في النهاية، من المهم أن تعرف كل ذلك، ولكن لا أهمية لذلك بدون أن يكون لك موقف . فلا معنى للكتابة أو للشعر أو النثر أو لأي عمل بدون موقف يفيض من تلك المعرفة. وعند المعرفة الخالصة يسود السلام لأنك ستدرك أننا جميعاً من جوهر واحد . – المزيد في كتاب ماوراء العقل وكتاب الثيوصوفيا والعقيدة السرية .