* GPS
نص مونودرامي
*خلف عامر
*نص يجسده شخص وحيد اسمه”باسم”.
يدخل باسم من الباب الخلفي لصالة المسرح، على صدى صوت سيارة هو يمثل حركة قيادتها، يقطع صمت وظلام صالة المسرح صوت جواله بتقنية الـــ GPS:
GPS : على بعد 300 اتجه نحو اليمين، تصل منطقة سلام آمنة.
- باسم: “وهو يتابع مساره يرفع الهاتف وهو يردد:” ماذا.؟!
- GPS: على بعد100 متر ستصل منطفة أمان.
- باسم: “يدور حول ذاته ويقول للجمهور، بصوت مخنوق مع موسيقى مناسبة “:
( أحلمُ بحكايةٍ
لا غولَ فيها
لا عفريتَ
لا شهريارَ يقطعُ الرّقابَ).*1
– GPS: أنت الآن في وسط المنطقة الآمنة.
– باسم: ” دوي انفجار شديد يدور لحظتها حول نفسه وهو يصرخ بشكل هستيري بالجوال”:
أين هي.؟!
دلني عليها أرجوك.؟
ماهذا الدوي.؟!
– GPS: أنت وسط المنطقة الآمنة.
– باسم: ” على صدى تكرار صوت دوي الانفجار يضرب رأسه بيده” ههههههههه لازم أصفي النية، واعتبر هذه الأصوات القوية احتفاءً بمقدمي.؟!
يخنقني سؤال يأبى الخروج مخافة أن يسقط عليه سقف حلقي سأقوله لكم:
( إذا التقينا
أتمدُّ – بالحبِّ – اليدَ
أم برصاصةٍ
تعاجلُ الحياةَ
كأنَّ سودَ الحجارةِ
ما أشرعَتْ بياضَها – يوماً – لعناقِنا ).*1
– GPS:على بعد 50متر على اليمين مدجنة.
– باسم:” يسمع أصوات قوية بقبقيق بقبقيق بقبقيق قيق قيق ، يرفع الجوال بيده ويقول”: ولكن ماهم بدجاج، إنهم يشبهوني.!!!
أين اختفت أصواتهم.؟!
مَن غيّر إعداداتها.؟!
– GPS: دقق بهم جيداً، إنهم دجاج بريشهم ولحمهم.
– باسم “موسيقى تصويرية لنقيق دجاج”:ولم كل هذا النق بعصبية كدجاج الليغهورن.؟!
– GPS: إنهم ينشدون ويصفقون بحرارة للديك .
– باسم: ههههههه إذن تدجين متقن.
– GPS: نعم لقد تمت العملية بنجاح.
– باسم: وما قصة تلك القلة المنزوعة الريش؟!
– GPS: هو جزاء من لم يمتثل للمقررات التدجين.
– باسم: “بعد أن يلتفت في الاتجاهات”، إذن هذا ثمن تمنّعهم.!
“ويتابع بتهكم”:هؤلاء مثلي تماما، لانصيب لي من اسمي ههههههه، قال باسم قااااال، والله كأن فمي عليه قفل محل كبير، مثل الذي تضعه البلديات على المحلات المخالفة.!!
GPS- : على بعد 70 مترا أمامك غراب.
– باسم: “وهو يتقدم يسمع صوت قوي:
“غاق، غااااااااق، غاااااااااق”.
يا إلهي أوَ يوجد غيري غراب في وسط هذا الخراب.؟!
خير اللهم خير.!!!!
- GPS: صوت”فَبَعَثَ اللَّهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ “, أتعبت الغراب أيها الآدمي ولم تتعلم, سوى ما يضرك.!
– باسم “بمصاحبة موسيقى مناسبة يخفي رأسه بيديه وهو يدور حول نفسه صارخاً”:
نعم أتعبت الغراب.
لم أتعلم منه.
لم أتعلم منه.
GPS- : انتبه أمامك ظلك ينتحل صفتك.
- باسم: يدور في الصالة وبمرافقة موسيقى وإضاءة تخدم المشهد وهو يردد:
( لي ما ليس لظلّي
وجعٌ مقيمٌ
وجرحٌ نازفٌ
وآهاتٌ أسكبُها أملاً
كلّما – في روحي – هدلَ الصّباحُ
……
لي ما ليس لظلّي
غمامةٌ شاردةٌ في حقولِ السّماءِ
تراقصُ صمتي
تبادلُه العناقَ
وأخشى أن يراها ظلّي
فيسرقُها
آن أنامُ ). *1
“يقف مخاطبا ظله”
( قلبي قبّرةُ تنوءُ بالوجعِ
والبردُ شديد
أَلديكَ ماءٌ وغطاءٌ وكسرةُ خبزٍ؟!.)*1
GPS- : على بعد متر100أمامك مجنون:
- باسم: ” للجمهور وبمرافقة موسيقى ناي حزينة ” أنا هوالمجنون، رأيت:
( رغيفُ الخبزِ
جائعاً في الطّرقاتِ
يركضُ
عارياً من دفئِهِ
ضيّعَ مذاقَهُ
وتاه”.
***
ونحنُ
تائهون َفي الأفلاكِ.
“بأصابعِ الوجعِ
نكتبُ سِفْرَ الصَّبرِ
أما من نشيدِ إنشادٍ
يؤرخُ لفرحٍ مرتجى.؟!) *1
. GPS- : أمامك وعلى بعد 10 أمتار ميّت.
- باسم: “صفير ريح وهمهمات غير مفهومة، إضاءة تدريجية على قبر وسط المسرح مكتوب على شاهدته ” أرقد هنا”.
هو أنا بعظمه وفقره وقهره، “يقف باسم من داخل القبر, يزيح كفنه لوسطه، وهو يصرخ بجنون بمرافقة موسيقى تمثل الحالة الداخلية له:
- إيه..
- اييييييييه
- إيييييييييييييه
- “وهو ينظر لداخل القبر يتابع قائلاً”.
- كفى
- كفى
- كفى أيها الدود.
- “موسيقى ناي حزينة مع محاولة خروجه من القبر.”
- كُفْ عن أكلي أرجوك..
- آي..
- آيييييييي
- آآآآآآآآآه
- أووووووف
- آآآآآآآآآآآآآآآخ
“يخرج ويسحب قبره إلى الزاوية اليسرى من المسرح، وينزل بداخله فيتجدد صراخه”:
- اعتقني أيها الدود.
- اعتقني.
- ا ع ت ق ن ي
- “يقف ويسحب قبره للزاوية اليمنى مع تصاعد الموسيقى وتسليط الضوء وهو ينزل بداخله”:
- بعد نزوله بثوانٍ يتجدد صراخه أكثر من ذي قبل، صراخ يشي بوجع كبير”:
- آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ ه
- ارحمني
- ارحمني
- حِلْ عني أيها الدود
- “يقف ثانية يصرخ وهو ينظر إلى داخل القبر قائلاً”:
- حتى وأنا تحت الأرض لا أسلم من نهشك.
- “يحمل قبره إلى ممر في الصالة وينزل داخله ويتجدد أنينه بشكل هستيري بمرافقة صوت ناي ضحك وبكاء في وقت واحد قائلا”:
- أين أنت ؟!
- أيها الدود؟!
- أين أنت ؟!
- أ ي ن …
- أ ن ت ؟ !
- أكلك أرحم من أكل بني جلدتي.
- لم يسلم منهم حتى عظمي.
- “يعود حاملا قبره إلى وسط خشبة المسرح، فيختلط صفير شديد مقلق مع صوت ناي وأنينه وهو يردد:
- يا دود القبر
- أنت أرحم
- أنت أرحم
- ” يتلاشى الصوت والضوء، ويعود المسرح إلى مرحلة الإظلام”.
GPS- : انتبه النااااار من: شرقك وغربك وجنوبك وشمالك ومن فوق رأسك، انظر في جوالك النار في الشاشة
باسم: ” بمرافقة صفير ريح يدور في كل اتجاه، كمن يبحث عن نار يفرك يديه ينفخ فيهما وهو يرتجف ، للجمهور”:
أريد ناراً أو بقايا جمر:”
( للوجعِ طعمُ البردِ
للبردِ مخاتلةٌ ومراوغةٌ وسرابٌ.
***
أنزفُ وجعي
وأبكي
هل سنعودُ
وتعودُ
ويعودُ البلدُ).*1
GPS- انتبه على بعد 100متز – بازار – منطقة مزاد
باسم – ” موسيقى ولغط وتداخل أصوات ولغات مختلفة”:
يااااااااه، ماهذا كل شيء يباع هنا!!
كأنك في مسلخ، لكنه مسلخ بشري، لبيع الأعضاء الطازجة وحسب الطلب.
تبّاً للضمائر في زمن الصراعات ؟!
باتت تتاجر بكل شيء.؟!
“ينظر في اتجاه آخر بمرافقة موسيقى ويتابع بحرقة”:
ماهذا هناك ناس تبيع حجر…
هذه جريمة لاتغتفر، إنها لقى تمثل تأريخنا.
أوقفوا هذه المهزلة.
GPS- أمامك على بعد 100 متر رصيف.
باسم: وهو يضحك رصيف…
أين هو.
دلني علي؟!
لم أسمع به إلا في الكتب المدرسية.
” مع موسيقى مناسبة يتابع باسم”:
الأرصفة متخمة بالبرد
والريح
تعوي في الطرقات
وقلبي يرتجف.
الرصيف
صار مأوى
المتعبين والمشردين
اسمع
صدى ارتجاف ضلوعهم
قصائد وجع مدماة
من أين كل هذا الوجع .؟ّ!
من زرعه فيَّ… فيهم… فينا.؟ّ!
GPS- انتبه أمامك أشياء تتجه نحو السماء.
باسم: ينظر إلى السماء ويقول للجمهور انظروا، إنهم سكان الأرصفةـ وحدهم تحولوا لحزم ضوء متصاعدة، انظروا…
هم المدافعين عن المكان…انظروا، إلى مواكبهم البهية وهم :
( يتقاطرون أسراب نور
يعانقون الفضاءات
يلثمون الشمس
ثم يحلقون
شهيدا تلو شهيد
تخصب الأرض بدمائهم .
هكذا مضوا نوارس يقبسون ضوء الشمس.)*1
وكأنه يمثل حركة صعود سلم وبمرافقة موسيقى مناسبة يردد”:خذوني معكم خذوني معكم.
“هكذا مضَوا
نوارسَ يقبسونَ ضوءَ الشَّمسِ
سناً وضياء.
في المدى
أغنياتُهم صادحاتٌ.
هكذا مضَوا
إلى سُدرةِ الخلودِ.”*1
موسيقى مناسبة إضاءة مترافقة مع زغاريد.
( ستار )
*هامش:1 من نصوص ألأديبة السورية
أميمة ابراهيم ابراهيم- عضو اتحاد الكتاب العرب