وأن دور الطغــيان الأمريكي في تدمـير الشعوب ، كـدور الوباء الذي يهـاجم البـشرية
لذلك قلنا ونعـود : إن هـزيمة القطب الأمريكي ، يبـشر بولادة عصر فيه نسائم الحرية
المحامي محمد محسن
لا رأسمالية بدون حروب ، فالتشكيلة الرأسمالية تتقمصها بنيوياً ثلاثة خصائص ، استثمار جهود الشعوب الأخرى ، احتكار العلم والمال ، الاستثمار الجائر للطبيعة ، وهذه الخصائص الثلاثة لا تتحقق إلا بفرض السيطرة ، وفرض السيطرة على مقدرات الشعوب الأخرى ، لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال الحروب ، المباشرة أو الحروب بالوكالة ، والحروب نتيجتها الموت ، ومن هنا تتلاقى الرأسمالية الأمريكية مع وباء الكورونة . في وظيفة قتل الشعوب ، ولكن الوباء يحصد آلافاً تتساوى فيها الشعوب الغنية والفقيرة ، أما الحروب الرأسمالية فتزهق أرواح الملايين من الشعوب الفقيرة فقط .
فلنفترض جدلاً أن الوباء اجتاح الفيتنام ، فهل سيقتل واحداً من ألف مما قتله الأمريكان ؟، وقس ذلك على افغانستان ، والعراق ، وليبيا ، وسورية ، واليمن ، كم قتلت أمريكا من هذه الشعوب الفقيرة ؟ وكم دمرت ؟، أما الوباء يقتل قليلاً ولا يدمر ،إذن الاستعمار الغربي والحروب صنوان لا يفترقان .
من هنا يمكن القول بكل موضوعية ، أن الإمبريالية الأمريكية هي أوبئة هذا العصر ، وليس وباءً ، بعد أن احتكرت القطب العالمي الأوحد ، لذلك كان على العالم انهاء هذا التفرد المتوحش ، وهذا ما يبشر به الميدان السوري ، أو وبقول صراح ما تحقق فعلياً على الميدان السوري ، حيث استفذ التوحش الأمريكي على سورية ، كل الدول المحبة للسلام ، فكانت المواجهة الأولى بعد سقوط جدار برلين ، وكان الانتصار ، وكانت البشرى بولادة القطب المشرقي الجديد ، وافتضاح هذه الدولة المتوحشة .
نعم ان ولادة هذا القطب المشرقي ، سيكون من أولى مهامه ، ايقاف غائلة الحروب ، من خلال تحقيق التوازن الدولي ، والتوازن الدولي يلجم الهجمة الأمريكية ، عندها فقط يخلق الجو المواتِ للحوار ، وحل جميع التناقضات العالمية بعيداً عن الحروب ، عندها يمكن خلق جو من التعاون على جميع القضايا التي تهم البشرية .
أي يمكن لدول العالم لأول مرة ، التفكير في مواجهة أية أوبئة في المستقبل ، والتفكير يدفع للتعاون ، والتعاون والحوار هو ما سعت أو يجب أن تسعى إليه الانسانية ، أو أن يكون هدفها الأول والأهم ، لحل كل القضايا التي تتعلق بالمشاكل الصحية ، أو أية خطر داهم يواجهه العالم في المستقبل ، أو حل أي خلاف بين دولتين أو أكثر .
فما أتوقعه لعالم المستقبل ، من انفراج ، وتعاون ، واحلال الحوار بدلاً من الحروب ، لن يكون حلماً ، بل سيكون حقيقة واقعة ، بعد خلاص العالم من القطبية الأمريكية المتوحشة والمتفردة ، وتحقق عالم متعدد القطبية ، لأن الواقع الدولي المتعدد القطبية ، يوقف حتماً التغول الأمريكي في الحروب ، التي لاتقف واحدة حتى تبدأ الثانية .
ولما كنا قد أكدنا أن الحروب تستدعيها التشكيلة الرأسمالية ، وأن لا ثروة ولا احتكار بدون حروب للسيطرة على مقدرات الشعوب ، لذلك وبزوال سيطرة هذه التشكيلة على السياسة العالمية ، تغيب معها أدواتها ، لأن أي حرب قادمة تشنها أمريكا ، أو أي دولة من دول حلفها العدواني ، ستجد أمامها التحالفات الدولية الجديدة التي تشكل منها القطب الجديد ، أو الأقطاب الجديدة ، مما يحول أي حرب لمواجهات بين قطبين أو أكثر ، وهذا لا يفسح في المجال أمام استهتار ، واستخفاف ، القطب الأمريكي العدواني ، بل يوقف العدوانية التي يعاني منها العالم الآن .
لا يمكن أن نتجاهل ما قدمته هذه الجائحة ، من دليل على هشاشة المجتمع الرأسمالي الغربي ، ومن الفردانية التي يعيشها ، وحالة عدم التعاون التي ظهرت بجلاء بين دوله ، وهذا الواقع المتفسخ أعطى شعوب العالم المحاصرة في بيوتها ، القدرة على التخلص من وهم القوة ، وحالة الخوف ، التي كانت تفرضها أمريكا على شعوب العالم ، كما أظهرت أهمية تعاون الشعوب في مثل هذه الملمات .
منذ أن افتتحت هذه الصفحة في / 16 / آذار 2014 / وأنا أبشر بالنصر ، وبالتغيير ، وبنفس المقدار كنت أواجه حملات التشكيك حد الاستخفاف ، والتساؤل على ماذا تبني هذا
وكنت أجيب استندت في هذا :
على قدرة شعبي على الصمود ، والتصدي ، لأن تاريخهم عبر القرون لم يكن سوى مواجهات للعدوان .
كذلك كنت أثق بصدق الأصدقاء والحلفاء ، لأنهم معنيون بالمواجهة كما نحن ، أو يزيد .
كما كنت أثق بحكم الضرورة التي تفترض التغيير ، بعد كل هذه المواجهات .
فكيف الآن وأنا أبشر بولادة عالم جديد متعدد الأقطاب ، فيه ملامح عواطف الشرق ، التي لم تخبو بعد ، وبإرث اشتراكي ذو بعد انساني ، تعشق روح الشعبين الصيني ، والروسي ، عبر عقود طويلة من ممارسة النظام الاشتراكي ، حتى دول عدم الانحياز تركت بعض الأثر الانساني ، حيث أكدت أن التعاون بين الدول أمر ممكن بل وضروري .
لذلك أختم وأقول الحروب والويلات التي عانت منها شعوب العالم الثالث ، كشفت لكل عاقل مدى التوحش الأمريكي ، لذلك فإن المعاناة ، وتلك المواجهات ، التي كانت خاتمتها في سورية ، واليمن ، وليبيا ، من هذه المعاناة ، وتلك المواجهات الاسطورية ، ولد القطب المشرقي الذي نبشر .
كما أن وباء ( كورونة ) أظهر هشاشة النظام الرأسمالي الغربي ، وفردانيته ، وفقدان روح التعاون الانساني بين دوله .
مما أضعف الثقة بهذه القوى الغاشمة ، حتى من محمياته ، وعلى رأسها اسرائيل ، التي سيتخلى عنها الجميع ، وستواجه لأول مرة غربة لم تواجهها منذ ولادتها القيصرية ، ستولجه عالماً معادٍ لها ، يلعنها ويحملها مسؤولية قرن من الويلات .
لذلك أبشر :
[ نحن في حالة مخاض وولادة عالم جديد يحمل نسائم الحرية ] .