هنادي سلمان علي
في عالم يهيمن عليه الرجال، تبرز شخصية سورية استثنائية تتحدى الصعاب وتثبت قدراتها في مجال نادراً ما تدخله المرأة. إنها فاتن الترجمان، أول امرأة سورية وعربية تقود سفينة تجارية وتتولى مهمة مرشدة بحرية، محققة إنجازاً تاريخياً في عالم الإبحار.
ولدت فاتن في قرية مار إلياس بريف طرطوس، وكانت منذ طفولتها مولعة بالبحر والسفن، فكانت ترافق والدها القبطان إسماعيل الترجمان إلى السفينة التي حملت اسمها “فاتن”، وأبدت رغبتها في أن تصبح قبطانة مثله، وكان والدها هو أول من شجعها ودعمها لتحقيق حلمها، رغم المعارضة والتشكيك من بعض أفراد المجتمع.
درست فاتن الملاحة البحرية في طرطوس، ثم التحقت بالمعهد العالي التخصصي في مصر، حيث حصلت على شهادة ربّان في عام 1990، منذ ذلك الحين، اشتغلت على السفن التجارية لأكثر من ثلاثين عاماً، مبحرة من موانئ اللاذقية وطرطوس إلى موانئ المتوسط والبحر الأسود والخليج العربي والمحيط الهندي.
وصفت فاتن البحر بأنه صديقها ومعلمها، فعلّمها كيف تواجه التحديات والمخاطر بشجاعة وثقة، وكيف تكون صاحبة قرار في المواقف الحاسمة لإنقاذ السفينة وطاقمها، كما أكدت أن المرأة قادرة على مجابهة الظروف الصعبة كما يفعل الرجال، شرط أن تكون مؤهلة ومستعدة لتحمل المسؤولية.
أصبحت فاتن أول امرأة في العالم تتولى مهمة مرشدة بحرية، بالإضافة إلى اختصاصها في قيادة السفن، هذه المهمة تتطلب خبرة ودقة في إدخال وإخراج السفن من الموانئ بأمان، وهي مقيمة حالياً في دبي، حيث تعمل في شركة خاصة بالملاحة.
فضلت فاتن التفاني في مهنتها على الزواج والأسرة، وقالت إنها لا تندم على خيارها، فهي تحب عملها وتفخر به، وتعتبر نفسها حرة كالبحر، وتحلم بأن تكون مثالاً للمرأة السورية والعربية التي تستطيع أن تحقق طموحاتها في أي مجال تختاره.