إحياء مشروعنا النهضوي العربي، رهــــــن بالخلاص من الوصاية الأمريكية، والفكرِ الديني الظلامي.
غالبية المفكرين العرب المتغربين، يطالبون بتبني الديموقراطية الغربية، ويتناسون أنها قامت على دماء الشعوب.
لا يمكن توحيد طاقاتنا العربية، وبناء الدولة الحديثة، بدون إنــــــــهاء عملية التغريب، والاعتماد على الذات
المحامي محمد محسن
ما نزال نعاني من انشطار ثقافي، بين نخبة متغربة تتخذ الثقافة الغربية المعاصرة مرجعية لها، وتفرضها على الوعي العام الجمعي العربي، وتعتبر الديموقراطية الغربية، هي النموذج الأمثل للحكم، وتتناسى، أو تتجاهل، أنها ديموقراطية مزيفة، وشكلية، وكاذبة.
فلا تقاس ديموقراطية أي دولة، من خلال إعلاء شأن القانون، وسيادته في بلادها فحسب، بل من خلال تعاملها مع الشعوب الأخرى، فهل من الديموقراطية في شيء، أن تقيم الدول الغربية ديموقراطيتها الشكلية، واستقرارها الاقتصادي، والاجتماعي، والسياسي، وتقدمها العلمي، من خلال الحروب وسحق الشعوب، وسرقة طاقاتها المادية والبشرية؟؟
هذه الديموقراطية يمكن تسميتها بكل موضوعية، بديموقراطية الدم والنار، ديموقراطية الحروب، وقتل الشعوب، إنها (ديموقراطية الغابة) التي يأكل القوي فيها الضعيف.
لا يحق لأي نظام في العالم أن يدعي أنه نظام ديموقراطي، بدون أن يكون لديموقراطيته بعداً إنسانياً، أي أن يرتقي بقيمه الإنسانية في قيادة بلده، وأن يعكس قيمه الإنسانية مع الشعوب الأخرى، محاولاً الرفع من سويتها، من خلال تقديم ما حصل عليه من تقدم علمي، ومعرفي، وقيمي، وحتى مادي، إلى الشعوب الأخرى، عندها يكون ديموقراطياً وإنسانياُ، وقابلاً للمحاكاة.
والمصيبة التي أعمت قلوب أولئك المثقفين المتغربين، أن منطقتنا العربية هي من أكثر دول العالم معاناة، من ويلات، وحروب الغرب (الديموقراطي الكاذب) الذي يتحمل مسؤولية تخلفنا، وفقرنا، واغتيال أي نزوع تقدمي عربي، عقلاني، تحرري، وتمزيقنا إلى دويلات متصارعة.
حتى وعلى كل عربي أن يضع في المقام الأول من وعيه، أن من فرض الفكر الديني السلفي التحريفي، الظلامي، كان بفعل (الإمبراطورية) البريطانية، فهي التي خلقت، وتبنت، المذهب الوهابي، وحركة الإخوان المسلمين، واستثمرت فيهما، لخلق الصراعات المذهبية، لإبقاء المنطقة في حالة تخلف، وغياب حضاري، وعيش الحاضر في الماضي.
من هذه المقدمة يجب أن نعترف بأن الكثير من مثقفينا، خلقوا نوعاً من التواطؤ، مع الفلسفة الغربية التي تقوم على (المركزية الأوروبية) التي تقتضي محاكات الغرب، في كل إنتاجه الثقافي، المنطلق من الإحساس بالتفوق، الذي يعتبر شكلاً فاقعاً من العنصرية القارية.
وهذا يدفعنا للتأكد من أن النظام الرأسمالي الغربي، لم يكن نظاماً محوره الاستغلال الاقتصادي المكثف لبلدان العالم الثالث فحسب، بل هو أيضاً نظام ثقافي يفرض على مستعمراته اعتماد ذات المعايير الثقافية التي ينتجها الغرب، متجاهلاً خصوصية كل مجتمع ودوره الحضاري، أي أن الاستعباد الغربي لم يكن استعباداً اقتصادياً، وسياسيا فحسب، بل هو استعباد ثقافي.
لذلك وبدون أي ريب فإن إحياء المشروع النهضوي العربي، وتجديده، لابد من امتلاك واقعنا العربي معرفياً، وصياغة رؤية تستمد بنيتها من التباينات الجزئية، ومن ثم اعتماد المقومات العربية المشتركة، والمصالح المشتركة، لنشكل وزناً، في مجتمع دولي متعدد الأقطاب.
لذلك لابد من الانطلاق من قناعة أن المستقبل القادم لا يعترف بالدول والكيانات الصغيرة، لذلك ولما كنا نمتلك كل الشرائط الجغرافية، والسياسية، والديموغرافية، التي تجعلنا أمة قادرة أن تلعب دورا ًحضارياً مهما، كان المستقبل المخبوء، لايزال حلماً يجب العمل على تحقيقه.
ولكن كل هذه الأماني رهن بالخلاص من الوصاية الغربية المتوحشة.
فهــــــــــــــــــــــل بــــــــــــــــــــــــــدأنا؟؟؟