كلُّ شيءٍ كان يبكي.. قلوبنا.. كلماتنا.. المقاعد..
غمرةٌ عالِقةٌ على معابرِ حدودنا.. وأعيُننا المكحَّلة بالفراقِ منذُ الصغَر..
كلّ شيءٍ كان ينطُق.. أيدينا.. ذِكرانا المتواريةُ خلفَ الصّمت.. وسجائركَ التي باحَت بحكاياتٍ كنت قد خبأتهَا في صدرك..
كلّ شيءٍ ضاقَ من حولِنا.. السبُل.. الأحلام.. وفضاءُ بوحِنا الذي باتَ محدوداً بين عُرفَين وبضعَ تقاليد..
حتى أُفقُ رؤيتي ضاقَ كثيراً ..
لم أكنْ أرى سوى عينيكَ تقصّانِ عَليَّ حكايةَ يوسفَ والصّبرِ اليعقوبيّ..
وبأي حالٍ لم أفهم شيئاً منها، سوى أننا لا نملكُ الحقَّ في إحتواءِ ذاكَ القميص..
حين رحلتْ.. تمنيتُ لو كان لي متسعٌ بين أوراقكَ التي تحملها بلطف، أو على إحدى الجفون التي تطلّ كل مدى عينيك..
لكنّي لم أكن سوى فتاة ريفيّة قِيلَ لها : اخلدِي في نومٍ عميق؛ لن تُكسرَ أغلالُ معتقداتنا عند الصباح…
بينِي وبينكَ.. حربُ داحِسَ والغبراءَ وصرخةُ أمٍّ وجريمةُ شرَف وتراتيلُ دينٍ لم تُنَزَّل بعد..
لكننا سنلتقي.. سنخونُ اللقاء ونلتقي..
سنجلسُ على ذاك المقعد.. ثم نذهب للبحر ونتكلم بوسعه..
سأسألكَ طفلتك الجديدة.. وستقَبِّل روايتي ..
وأمّا بعد.. لن أخضعَ لمحاكمةٍ تقليديةٍ بين العقلِ والقلب هذه المرّة..
فلا خيرَ في ميزانِ عدلٍ يُرَجِّحُ كفةَ الخوفِ دوماً ..
تيماء محمد العبيد