هل ستحول أمريكا أوروبا بعد الحرب (الأوكرانية) إلى (قـــارة عجوز)، بعد أن أفقدتها الأسواق الروسية؟
أليست أمريكا، من أخــرجت أوروبا، وزاحمتها، على جميع أسواقها العالمية، الآسيوية والأفريقية؟
هل صح القول: أن اشتراك أوروبا الفعلي في الحرب الأوكرانية، كمن يطلق النار على قدمه؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منذ خمس سنوات كتبت عدة مقالات، أكدت فيها أن مصلحة جميع الدول الأوربية، تتلاقى مع الشرق، وعلى وجه الخصوص مع روسيا، وليس مع أمريكا، ولكنها سارت عكس مصلحتها.
أليست أمريكا من(احتل) غالبية الأسواق التي كانت (تسيطر) عليها أوروبا في القارات الأربع، حيث حولت الإمبراطورية البريطانية، التي لم تكن لتغيب عنها الشمس، إلى (مستعمرة) أمريكية، بعد الحرب العالمية الثانية، وأكبر مثالٍ على ذلك، انتقال ممالك الخليج بالكامل، من تحت (الاحتلال) البريطاني، إلى تحت (الوصاية) الأمريكية.
وهذا ما فعلته أمريكا، مع جميع الدول الأوروبية الأخرى، حيث سيطرت على جميع أسواقها العالمية، وتركت لها بعض الأسواق الجانبية، ولا يجوز أن ننسى صفقة الغواصات الفرنسية التي كانت قد باعتها إلى استراليا، بقيمة /63/ مليار دولار، وإذا بأمريكا تسرق الصفقة.
ليس هذا فحسب بل تحولت جميع الدول الأوروبية، إلى مستعمرات أمريكية، لأن القواعد الأمريكية العسكرية، تغطي جميع الأراضي الأوربية الغربية، تحت شعار مشروع (مارشال).
تم كل ذلك تحت ذريعة التخوف من الاتحاد السوفييتي، وبالرغم من ان الاتحاد السوفييتي قد تفكك، بقيت أمريكا تأخذ هذه الفرية، سبباً لإبعاد أوروبا عن روسيا الاتحادية، وهذا ما بدأت تفعله مع أوروبا الشرقية، حتى وصلت القواعد الأمريكية إلى الحدود الروسية.
ومنذ عقدين أو أكثر، بدأ تأثير الفرية القديمة، التي تقوم على التخوف من الاتحاد السوفييتي يخف تأثيرها، وتخف معه الروابط الأوروبية الأمريكية، حتى قال (ماكرون) رئيس الجمهورية الفرنسية، لقد دخل الحلف (الأطلسي بالعناية المركزية).
فبدأت العلاقات الاقتصادية بين أوروبا، وروسيا الاتحادية، تتوسع وعلى جميع الصعد، وبخاصة مع ألمانيا وفرنسا، وكان أهمها النفط والغاز، والوقود النووي الذي تحتاجه المفاعلات النووية الأوروبية، حيث قامت روسيا بمد خط الغاز الأول تحت اسم (تريم1) وبدأ يغذي غالبية الدول الأوروبية، بالغاز الرخيص، وتبعته روسيا بخط (تريم2) باتجاه ألمانيا.
من هنا جاء التخوف الأمريكي، من التقارب الألماني مع روسيا، الذي توسع في عهد المستشارة الألمانية ميركل، على وجه الخصوص ومن ثم الفرنسي، فطلبت أمريكا، من ألمانيا عدم فتح خط (تريم2).
فجاءت الحرب الأوكرانية، لتكون السبب الجوهري، التي تمكنت أمريكا من خلاله إعادة أوروبا، إلى بيت الطاعة الأمريكي مجددا، وجعلت روسيا في موقع العدو الأول لأوروبا، بدلاً من أن تكون الشريك الاقتصادي الأول، والمزود الأول الأقرب لأوروبا، بأهم المواد الأساسية، التي تحتاجها الصناعات الأوروبية، وبأرخص الأسعار.
وباتت أوروبا، تستجدي أمريكا، وغيرها، لتزويدها بالمواد الضرورية لاقتصادها، وبأغلى الأسعار، بعد أن فقدت الشريك الاقتصادي الأول، والمزود الأول لها بأهم الضروريات التي يطلبها اقتصادها.
بذلك تكون أمريكا هي من حولت أوروبا إلى (قارة عجوز).