بقلم الدكتور . علي محمد الزنم
عضو مجلس النواب اليمني
منهجية الإخوان المسلمين (حزب التجمع اليمني للأصلاح) وأوجه الاتفاق والخلاف مع مفهوم الدولة ، وأهمية مراجعة منهجهم الفكري والسياسي السلبي.
بمناسبة الذكرى ال ٣٣ لتأسيس حزب التجمع اليمني الأصلاح عادة بي الذاكرة إلى البحث الذي قدمته لنيل درجة الدكتوراه والذي حاولنا توصيف الوضع في اليمن وأسباب الحروب والأزمات المتكررة ودور الأحزاب والتنظيمات السياسية وفي الماضي القريب تناولنا الكثير عن المؤتمر الشعبي العام وبالذات في ذكرى التأسيس وبالتالي اليوم يجب أن نعرج للحزب الثاني في اليمن ودوره في إيصال اليمن إلى ما وصل إليه ،لنؤكد للجميع بأن ذاكرة الوطن ليست مخرومه وستضل تلك المواقف الغير مسؤولة يتناقلها جيلا بعد جيل ليس بنزعة تحديد السبب وبالتالي الإنتقام أو إلقاء اللوم كل اللوم على هذا الحزب أو ذاك لا الكل أخطأ خطأ جسيم في حق اليمن والشعب الذي منح هذه الأحزاب الثقة والأصوات مرارا وتكرارا ليحكمه وفقا للشريعة المحمدية والدستور والقوانين النافذة لا أن يختلقون الأزمات ويتفننون بها على حساب دماء الشعب ومعاناته التي تسببت به تلك الأحزاب التي لم تترك اليمن حتى الآن بل جلبوا لنا تحالف الشر ليستهدف البلد أرضا وإنسانا للأسف الشديد ،
وبالرجوع إلى الموضوع الرئيسي نستعرض ما دوناه في رسالة الدكتوراه.
والتوصيات بل قولوا نصائح إن جاز لي التعبير لتلافي ما أمكن
– منهجية الإخوان المسلمين (حزب التجمع اليمني للأصلاح ) وأوجه الاتفاق والخلاف مع مفهوم الدولة ، وأهمية مراجعة منهجهم الفكري والسياسي السلبي.
في هذه النقطة، ومن خلال إستعراض تأريخ اليمن المعاصر نجد بأن المرور على تأريخ الحركات الإسلامية، وتحديداً الإخوان المسلمين ووقوعهم بأخطاء كثيرة في حق أنفسهم وحركتهم وأوطانهم وشعوبهم، حيث بدأت مراحل الدعوة والاستقطاب واستمالة الشباب، ولقوا استجابة كبيرة في اليمن وبدأوا يكونوا شراكة مع السلطة، وكانت البداية هي التحالف مع الدولة لمحاربة المد الماركسي ومحاربة الجبهة الوطنية في أحداث المناطق الوسطى وتحالفوا مع الرئيس علي عبدالله صالح رحمه الله في حينه، وكان بالمقابل امتد التحالف والتنسيق لإعطائهم مساحة كبيرة من خلال إنشاء معاهد علمية دينية على مستوى اليمن الشمالي قبل الوحدة وسُمح لهم دخول المعسكرات وإلقاء المحاضرات وتوسع نشاطهم الدعوي في المساجد والمدارس والجامعات دون قيود أو إعتراض، وتحققت الوحدة وكانوا معارضين لقيامها بحجة أنها ليست على كتاب الله، وبعدها سلموا بالأمر وكوّنوا حزب التجمع اليمني للإصلاح ووفقاً لمذكرات الشيخ المرحوم عبدالله بن حسين الأحمر بأن تأسيس الإصلاح كان بإيعاز وموافقة الرئيس علي عبدالله صالح للتخلص من التزاماته مع الحزب الاشتراكي، من خلال وجود حزب كبير يضغط في هذا الإتجاه، وعموماً أعلن بعد الوحدة، وفي حرب صيف 1994م تحالف صالح والإصلاح لمحاربة الانفصاليين وتم الحسم للمعركة في 7 يوليو 1994م، ودخلوا شركاء في حكومة ائتلافية ثنائية وتوسع نشاطهم بشكل كبير والوزارات التي كانت من حصتهم سخروها لصالح حزبهم وعناصرهم وقدموا نموذج غير إيجابي.
وبعد ذلك أعلنوا عن رغبتهم بالخروج من الحكومة لوجود خلافات وتكتيك سياسي، ولكن أعيد التحالف في الأنتخابات الرئاسية المباشرة الأولى في عام 1999م، حيث أعلن اليدومي بأن علي عبدالله صالح مرشح التجمع اليمني للإصلاح، وعلى المؤتمر الشعبي العام البحث عن مرشح آخر في خطوة متقدمة لتحسين العلاقة الإيجابية مع المؤتمر والرئيس صالح تحديداً، وتمت العملية بنجاح وبدأت العلاقات تسوء بعد ذلك ولجأ الإصلاح إلى تكوين تكتل سياسي لمواجهة المؤتمر والرئيس صالح وسمي بأحزاب اللقاء المشترك.
ومن وجهة نظري كان تكتل سياسي مميز على مستوى الوطن العربي ودول العالم الثالث، حيث أستطاع من خلالها اللقاء المشترك أن يجمعوا أحزاب متناقضة ايدلوجياً وفكرياً وخلقوا أحزاب متجانسة لدرجة كبيرة في هذا التكتل المتنوع أحزاب إسلامية مع اشتراكية وتقدمية وعلمانية، الكل عمل تحت يافطة واحدة إسمها (أحزاب اللقاء المشترك)، هدفه مواجهة الحاكم وترجمة تلك الأهداف في إنتخابات 2006م الرئاسية حيث نزلوا باسم مرشح واحد وهو المرحوم فيصل بن شملان. وحتى الآن مسيرة جيدة للإخوان المسلمين الممثلين بحزب التجمع اليمني للإصلاح وكان برئاسة الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر الذي مثل توازناً لهما وقطع الطريق على المتطرفين داخل الحزب لتوجهات مضرة بالمصلحة الوطنية والحزب معاً.
وبعد الأنتخابات الرئاسية بدأت تتنامى الأخطاء الحزبية والشخصية، وبدأ الإخوان المسلمين يلعبون على عدة ملفات منها ملف الحراك الجنوبي وملف الحوثيين (أنصار الله) ووقوفهم مع مظلومية صعدة والحروب التي أسموها في حينه ظالمة على الحوثيين. ومن هنا بدأ الإصلاح تحديداً والمشترك بشكل عام يبتعدون كثيراً عن مصلحة الوطن العليا وتوجهوا ضد طريق الرئيس صالح وحزبه المؤتمر الشعبي العام وتصاعدت الأزمة بعمل تصعيد الإخوان المسلمين ودخل الجميع في حوارات لاحتوائها، لكنهم يوقعون اليوم ويتنصلون غداً، وهكذا حتى حسموا أمرهم على لسان أحد قيادات الإصلاح بأنهم سيلجؤون إلى الشارع ويدعون إلى هبة شعبية.. كان هذا قبل الربيع العربي مما يدل على إضمار مخطط للفوضى بهدف إسقاط الرئيس صالح وبدأت الأمور تتجه نحو التصعيد الخطير وقفل باب الحوار وأي مبادرات كانت تصد من قبل المشترك والإصلاح بعدم الموافقة حتى عندما رفع صالح كتاب الله ودعاهم إلى تحكيم الشريعة وكتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، لكنهم أعلنوا أنهم حكّموا الشارع، مما يُعد خروجاً لمنهجية الإخوان المسلمين الذين أصبحوا حزب سياسي، ومسألة الدين لم تعد مشكلة أو محكومين به بشكل دقيق.
بعد كل ذلك، تم إعلان ما سُمي بثورة الـ 11 من فبراير 2011م انبرى الإصلاح والأحزاب الأخرى لتبني الثورة والدخول كوريث شرعي لمطالب الشباب وإن لم يعلنوا ذلك، وتفاقمت الأزمة وأزهقت الأرواح بسبب تعنت الإخوان المسلمين وعدم قبولهم بأي حلول، حتى جاءت المبادرة الخليجية، وتم التوقيع عليها وانتخاب عبدربه منصور هادي رئيساً، لكنهم لم يطووا صفحة علي عبدالله صالح ويعلنون التصالح والتسامح مع رئيس أصبح جزء من الماضي، بل واصلوا مظاهراتهم وخيامهم مطالبين بالمحاكمة والمحاسبة وحل حزب المؤتمر وإقالة أقاربه، بل وصل الأمر لتسيير مظاهرات إلى منزله في حقد أشخاص أسقط على شباب مغرر بهم كان المحرك الأساسي لكل ذلك هم الإخوان المسلمين ولو تسامحوا لتسامح التاريخ معهم وظلت منهجية العداء والإفراط في أداءهم حتى اليوم، وهم يطلقون الألفاظ والعبارات التي لا تدل على منهجية حزب إسلامي اسمه الإخوان المسلمين، وبسبب كل ذلك التعنت لم يهدأ الوطن من محنته وصلت الأمور إلى أشدها وفي هذه اللحظات الفارقة في تأريخ اليمن وأزماته المتسارعة هبت القوى الصاعدة ممثلة بأنصار (الحوثيون كما يحلوا للبعض) لحظة فراغ الدولة، بسبب الاضطرابات السابقة وانقسام الجيش بين مؤيد ومعارض اجتاحوا رجال الله صنعاء في 21 سبتمبر 2014م. والإخوان هم من تحالف مع الحوثيين واشتركوا في الساحات ونصبوا لهم الخيام من أجل إسقاط علي عبدالله صالح وبعدها تغيرت المعادلة، دخل الحوثيون صنعاء وعينهم على قيادات الإصلاح، وفر من فر وتم حل حزب الإصلاح تقريبا لكن لست متأكدا من نفاذ القرار من قبل الحوثيين، وبقي من بقي، وأُسقطت الدولة بسبب أخطاء اشترك بها الجميع، لكن الإخوان المسلمين هم من يتحمل مسؤولية وتبعات التعبئة والمنهجية التي أدت إلى إسقاط النظام والدولة والدخول في مرحلة الفوضى التي لا أحد يستطيع السيطرة عليها في حينه .
التناقض الذي عاشه الإصلاح في مسيرته تجعله محل تقييم وإعادة النظر في كل ذلك، وبالتالي المغامرة بالوطن ومصالحه العليا غير مقبولة من أي طرف وتؤكد من خلال ماضيه، واستعرض لتلك الأحداث المؤسفة بأهمية إعادة منهجية الإخوان المسلمين (حزب الإصلاح) أصبح من الضرورة بمكان، حيث أثبتت الأحداث عدم صوابيته، وهناك أخطاء ارتكبت بحق الوطن والشعب والحزب وخلقت حالة من الفوضى التي لن ينساها الشعب اليمني إلا بالإعلان عن الاعتذار أولاً، ثم تصحيح مسار الحزب ايدلوجياً وحزبياً وفكرياً بعيداً عن الغلو والتطرف الذي يخلق وطن ملتهب لا يبقى على أي مظاهر للدولة المدنية الضامنة لكل اليمنيين،، فلست متحاملاً لكن تلك هي الحقيقة، وليس أمامنا سوى الوقوف أمامها وكان المفترض معالجة كل ذلك كي يستقيم الحال مستقبلاً ويخلق التعايش في وطن يتسع للجميع.
وأضيف لنربط الماضي بالمستجدات التي شهدها اليمن وأقول لكنهم أول من أشعل نار الفتنة وأول من حزم حقائب قياداتهم وغادروا الوطن بعد أن غدروا به وبأنفسهم وأعضاء التجمع اليمني للأصلاح بل والشعب اليمني بأكمله ،
نقول ذلك بمراره وباعتبار قوى ١١ فبراير قامة بركوب الموجة والتقليد الأعمى ولم يكن لهم مشروع بديل عن الدولة التي أسقطوها وتركوا الأبواب مشرعة حتى أنبرى لها من يمتلك المشروع تتفق معهم أو تختلف لكن هذا ما حدث أنصار الله ينقذون الوطن في لحظات الأحباط والتسليم بمجريات الأمور سواء من المؤتمر وحلفاءه أو الأصلاح وشركاءه وسلموا الدولة على نغمات الأناشيد الوطنية التي تركوها في الساحات ليحل محلها الزامل والقصائد الحماسية التي علا صوتها وخفت كل الأصوات التي أصمت آذاننا بالدولة المدنية التي تركوا الدولة وأضاعوا المدنية وكل مفرداتها ،ويأتي اليوم ليحتفل بإنجازاته بعد عدوان وحرب تسع سنوات يصب على الأنسان أن يرد أو يعبر عن حالتهم التي لاتسر لاصديق ولا عدوا .
ومن يحق لهم اليوم أن يحتفلوا هم من صدوا العدوان وصنعوا الصواريخ المتطورة والطيران المسير وأعادوا لسمعت الجيش أعتبارة
والله من وراء القصد ،،،،،
(من إتفاقية الطائف إلى عاصفة الحزب المشؤومة)
رقم الصفحات <٦٤٢_٦٤٣_٦٤٤ > من القسم السادس والعشرون
تحت عنوان تحليل موضوعي وتوصيات ختامية لأحداث اليمن من ١٩٣٤ إلى غاية ٢٠١٧م.