انتظر العالم منذ ايام الخطاب الاهم للسيد نصر الله، وكان هذا الانتظار لعدة اسباب موضوعية من اهمها:
– مكانة واهمية جبهة الشمال اللبنانية وانعكاساتها على حرب غزة.
– خصوصية حز-ب الله في هذه المعادلة.
– الصورة المستقرة عن طبيعة وصدق الوعود التي تتحول الى واقع في معظم خطابات نصر الله.
– كون الخطاب (في المنظور الامريكي والاسرائيلي) يمثل وجهة الخطاب الثوري الايراني من المعركة، إذ ان ما صدر من ايران هو خطاب الدولة، ولم يظهر بشكل واضح خطاب الثورة.
جاء الخطاب مكثفا وثريا، مزج العاطفة بالتحليل والمضمون، ونؤشر بشأنه الآتي:
– على الرغم من حجم واهمية المضامين والبيانات التي احتواها الخطاب إلا ان التعريف الانسب له، انه لوحة متراصة ومكثفة من الحرب النفسية المنظمة التي مارسها السيد، وكانت هذه الحرب تشتغل على اتجاهين، الاول كسر العدو وهزيمته نفسيا واخافته واثارة الرعب في صفوفه وهنا العدو (اسرائيل وكل من يقف معها)، والاتجاه الثاني التحذير من التداعيات والاثار التي يمكن ان تلحق بمن يدعو او يعين او يتماهى او يتأمل هزيمة غزة، وعزز هذين الهدفين بإتجاه آخر يتمثل في رفع معنويات كل الجبهات المنخرطة في خندق غزة والواقفين معها.
– لقد كان ذكيا وبارعا في بلورة عدة مطالب حساسة، يدور حولها جدل وإلتباس ومنها:
# ان نصر غزة هدف وطني مهم واستراتيجي لكل دول المنطقة وسماها بأسمائها، واكد ذلك بوضوح بشأن لبنان، ليجعل موقف الحزب موقفا ينطلق من المصلحة الوطنية للبنان.
# افرغ سؤال (متى يدخل حزب الله الحرب من محتواه) عندما اجاب ان الحزب دخل الحرب من اول يوم، وهو منخرط فعليا فيها.
# بيان دور جبهة لبنان بلغة عسكرية مبنية على الارقام، تعيد تعرفيها من جديد، من كونها حسب التعريف المتداول تعرضات جزئية طارئة الى مواجهة منظمة وعن اختيار.
# اللغة المرنة والمفتوحة في موارد التهديد، والتي تتحمل كل الخيارات.
# لم ينخرط في لغة التخوين والسب تجاه الاطراف التي تندرج تحت مسمى المتخاذلين عن مسؤولياتهم تجاه غزة.
– تضمن الخطاب صياغة لهدفين واضحين في اثرهما ومضمونهما، وكان الاهم منهما هو هدف نصر غزة، والذي طرح كمسؤولية لمحور المقاومة، ورسم موقف الحزب على هذا الاساس.
– استخدام مبدأ الطرح المفتوح والذي يتحمل كافة الاحتمالات، كاستراتيجية في المرحلة للتعاطي مع الحدث، والذي يتيح له وللحزب مروحة واسعة من الخيارات تقع كلها ضمن امكانية رفع سقوف المعركة، والتصرف وفق مقتضيات تقديره للمصلحة.
– اعتقد، ان معرفة العدو بكل اقسامه، بصدق المضامين والاشارات التي يقولها نصر الله في خطاباته، تجعل لهذا الخطاب اهميته واثره في المنظور التكتيكي والاستراتيجي للعدو.