جاء عيد العمال بهذا العام وسط صمت احتفالي فرضه إجتياح وباء الكورونا الذي عرى القوى القائدة لهذا العالم وحجم المآسي الذي أصابت بها الإنسانية جمعاء والعمال وحقوقهم .العمال الذين كانوا وما زالوا عنوان للنضال والبناء المحق و هم والفلاحون أساس التنمية الحقيقية المنتجة و تلبية حاجاتهم كانت عماد صلابة البلدان و عنوان لتقدم وتطور المجتمعات هذه الحاجات والتي هي حقوق لا يستطيع أحد نكرانها ضمن العقد الإجتماعي للبلدان و ضمن ميثاق حقوق الإنسان وضمن منطق العطاء المتبادل فحق العمل والسكن والصحة والتعليم والتعبيرو الاستقرار و تجديد الطاقة عبر مدخول مناسب ضرورة لكل من المنتج و صاحب العمل سواءا كدولة او افراد و التطور الجمعي و المصلحة الجمعية والنضال الحقيقي الجمعي عبر منظمات ممثلة حقيقية للمطالب وعبر انتشار الفكر الإشتراكي وعبر تضامن وتكافل العمال وممثليهم وكثير من الدول التي يعملون بها بث الخوف والتخوف لراسمالي العالم والذين انشغلوا بالتخطيط لسلبهم قوتهم ومعدل أجورهم وتقويض منظماتهم وصناعة منظمات موازية وكذلك الإحاطة بانتشار هذه المنظمات وفاعليتها بكل البلدان وكان ذلك عبر تلبية مرحليةلحاجات عمالهم لمنع الضغوطات و المطالبات وفصلهم عن المسار الأممي و العمل الموازي لفرض شروط جديدة تقوض مكاسب العمال و تزيد من مكاسب عباد المال وفق كل الادوات الممكنة من ضغوطات واعتقالات و فرض برامج اقتصادية لا تراعي خصوصية البلدان و تقويض دور الحكومات بإدارة التنمية بانواعها وعبر تنظيم الإفساد وعبر التفقير والترهيب لنصل لمجتمع تمايزي طبقي يقوده فئة من الأثرياء غير المنتمين للإنسانية و مسخري كل أدوات ما سمي عولمة لزيادة ربحهم مترافق مع زيادة تقليص مكتسبات العمالة ومتناسين حجم المعاناة التي يسببونها و الإمتعاض الناجم والضغوطات المتولدة والتي ستعيد الصراع بشكل اقوى ومن دون هوادة والتي اثبتت رؤية توحش راس المال هذا و عدم القدرة على ضبطه وردعه وأن سيرورته و صيرورة تصاعده ستؤدي إلى دماره ودمار مشروعه الما بعد عولمي فتركز الاستثمارات و سيطرتها وانتشارها بالأطراف لقوى المركز تزيد التمايز وتعولم و تضخم أعداد المنكوبين.
وما وجدناه من وحشية بالتعاطي مع الكورونا وخاصة من ترك مئات الآلاف من كبار السن من دون علاج ليلقوا مصير الموت مكرسين نظرتهم المالية علما أن هؤلاء كبار السن بالأصل كانوا عمالة و دافعين لتأميناتهم وقدموا طاقاتهم و حقهم بالعيش طالما بقيت لديهم روح و تركهم مغاير ومخالف لكل تعاليم الإنسانية و مخالف لكل إدعاءاتهم.
جاهل من يظن أن العالم بعد الكورونا مثلما قبله و غبي من ينتظر الأقدار.ومثلما خلدت البشرية ثوار أبطال اينعت بهم طبقات و كسرت أعداء فالقادمات بحاجة لورثة صادقين.
الدكتور سنان علي ديب