متابعة : محمد صادق الشريف .
بقلم : سناء هيشري *
بأصابعها الصغيرة، كان عليها أن تسحب الجذع دون الإضرار بالأزهار ، و أن تتمكّن من الإمساك ببعض زهور البنفسج في يدها، و ان تندفع نحو والدتها العزيزة و تُناديها يا ماما إنّها لك ….
أُحبّك قليلا، كثيرا، بشغف ، بجنون تستعيد في ذاكرتها أول باقة و أول ذكري لهديّة تُقدّمها لِأحب الناس لقلبها، أول رائحة لكل زهرة لها قصّة و حكاية حياة ، باقة من زهور الياسمين تشعّ ضوءا جديدًا كانت تُهدي أمّها الازهار و الورود في جميع المناسبات حتي أنّ بائع الازهار اصبح يعرفها و يعرف اسمها و يترقب مجيئها من عيد لآخر و من مناسبة لاخري و قد تعرّف علي ذوقها في الزهور تقديم الزهور لأمها مُهمّ جدّا بالنسبة لها ، لانها تعلم بمدي فوائدها التي لا تُقدّر بثمن للزهور لغة تستبدلها الكلمات التي لا نستطيع العثور عليها بالنسبة لها ليس هناك طريقة أجمل من إخبار أمّها أنها تحبّها من خلال إهدائها الزهور علاقة حسيّة فريدة من نوعها هي الاديبة و الفنانة التشكيلية سناء هيشري من ردّ الجميل لتهنئة امها … ازهار …. ثم ازهار…. و ببراءة و بعفوية شديدة تروي لنا اليوم قصصها مع الزهور و كيف استلهمت فنّها التشكيلي من خلال جمال الزهور و الوانها فعندما نربط الزهور بالفن ، فإنّك بالتأكيد سوف تفكر في اللوحة العالمية ” عباد الشمس” لفينسنت ويليم فان خوخ أولًا ثم زنابق بول غوغان و ماتيس ، فقد ارتبطت الزهور بجمالها الرقيق و ألوانها الزاهية و الساطعة بالحياة و الأمل و خاصة علاقتها الوطيدة بالتجديد و البدايات و النموّ و الازدهار ، هذه الورود هي أكثر بكثير من مُجرّد أنّها تُحلّي الطبيعة ، إنّها مصدر إلهام للفنّ و الأدب و الحياة اليومية! تنوّعها و جمالها و رمزيتها يجعلها موضوعا ثريّا للعديد من الفنانين من بينهم الاديبة و الاستاذة سناء هيشري فنانة بلجيكية من اصل تونسي، نشأت مُحاطة بالمناظر الطبيعية الخلابة و الحدائق التي تتميّز بها بلجيكا، و زياراتها المتواصلة للغابات التي تتفتح فيها الازهار ، مما جعل الفنانة سناء تعشق الازهار و قد اتولد فيها تواصل مع الطبيعة ليأخذها خيالها المطلق هذه المرّة لتضع الوردة علي لوحة الكانفاس بطريقة غير عادية في مقام غير مألوف تصعب علي المتلقي تفسيرها و يجعله يقف أمامها ساعات و ساعات يتأمّلها و يا روعة التأمّل الذي يُؤدي الي تغييرات جسدية ملموسة اذ ان جلسة امام هذه الازهار تُعطي راحة نفسية و تجعل المتلقي اكثر هدوء و حيوية ألوان و اشكال تعمدت استعمالها ، تشرح القلب ، و تُظفي علي المكان الفرح و تجلب النور و الاشواق ، لِتُعيد شحن الطاقات الداخلية بالحيوية و الايجابية تقول الفنانة سناء : ارسم الازهار بطريقة انيقة و مميزة و اعطيها مركزها الذي يليق بها ، لقد تفننت في تصميم مجسمات ثلاثية الأبعاد للأزهار باستعمال الكثير من المواد المتنوعة و الخروج الكلي عن المؤلوف و التقليد في نحت الزهور المتفتحة، مزيج حقيقي من تاريخ و جمال الطبيعة و التي أُمثل بها بداية موسم جديد و نموّ و تغيير إيجابي لسنة 2024 “”زهور الحب ” عنوان مجموعة لوحاتي الفنّيّة ثلاثية ابعاد الحدود و هي مزج بين الرسم و النحت تتكون كل لوحة من مئات ، إن لم يكن الآلاف ، من الزهور التي تم نحتها و رسمها و تلوينها بدقة لتغيير رؤية درجات الوانها حسب الاتجاهات و حسب الزاوية التي يتم النظر منها، تقنيات و خط فني تشكيلي جديد أُحطّم بهذه التقنية كلّ القيم الفنية في انشاء اللوحة لِأُظهر فن جديد بملامح مُختلفة ، تحمل رسائل ايجابية.
—————————————-
(*) – سناء هيشري اديبة ، باحثة و فنانة تشكيلية بلجيكيّة من اصول تونسيّة درست في الاكاديمية الملكية للفنون الجميلة ببروكسل عضوة في اتحاد الفنانين التشكيلين التونسيين مسيرة عقدين في مجال الفن التشكيلي و التدريس لقواعد و تقنيات الفنون الجميلة أقامت معارض فنية و فعاليات و دورات تدريبية و ورشات بين بروكسال و دبي و تونس ، كما تحصّلت علي العديد من الجوائز تقدير و تكريم لمساهمتها في تطوّر الفن التشكيلي في البلدان العربية اضافة إلي مشاركتها في لجان التقييم للمسابقات التشكيليّة … و قد صدر لها كتاب جديد عن دار نقوش عربية للنشر تحت عنوان: نضال من الوان” و كان توقيع كتابها بمدينة الثقافة تونس بحضور معالي سفيرة الامارات العربية بتونس الدكتورة ايمان احمد السلامي و وزير التربية والتعليم و و وزيرة الثقافة و وزيرة الصناعة و المناجم و قد وضعت فنّها التشكيلي لخدمة قضيّة اجتماعية و ذلك من خلال تبرّعها بجميع مبيعات كتابها لديار الايتام