الفنان مأمون الحمصي في ذمة الله ..الفينيق حسين صقور
ليست الحياة سوى رحلة عبور نقضيها ونبحث عن حقيقة وجودنا فيها وتكمن المتعة في خوضنا لغمارها للكشف والاكتشاف فلا معنى لأجوبة جاهزة إن لم تتفاعل تلك الأجوبة مع كيمياء الجسد وإن لم يتم اختبارها عبر التجربة بأريج الروح .
يواصل قطار الحياة رحلته حاملا عبق الذكرى لفنان كان حااضرا بجسده المادي متفاعلا كما كتلة من مشاعر وأحاسيس
تحررت الروح من قفص الجسد الفاني لتعيش في صلب الحقيقة التي كانت ولازالت تشغلنا وتشغل عالمنا الزائل تحركه وتحركنا نحوها بطرائق تختلف باختلاف ثقافاتنا ومداركنا وكانت ترتسم من خلالها فلسفتنا الخاصة بالحياة
تلك هي الروح تبصرنا بعيون الحقيقة المطلقة و نبصرها في سفر الأحلام القصيرة أثناء النوم وحين الاسترخاء وحين تفريغ الذات من أفكارها الدنيوية الخبيثة وفي ذرة الصفاء الرووحي وعند الحدود الفاصلة بين الوعي واللاوعي
بعد طول اعتكاف عن وعلى غادرنا إلى دار الحق الفنان المعتزل مأمون الحمصي وذلك في – 25 -3-2024
— وقد صارحني يوما بسر اعتكافه المؤلم إذ ضاع نتاجه الابداعي في أحداث الأزمة ولم يبقى منه سوى بضع صور تخلد وتذكر تلك الحقيقة المؤلمة كل شيء إلى زوال.
لا يبقى سوى الذكرى والأثر المعنوي هو الباقي والمتبقي لكل ما نقوم به من أفعال .
مايعزيني أني تناولت لوحات الفنان مأمون بالدراسة قبل أن يرحل عن دنيانا و أني ضمنت كتابي سبر الأغوار مقالة نقدية عن تجربته الفريدة
ومن وحي تجربته أهدي قصيدتي هذه لروحه الطاهرة .. داعيا أن يتغمده الله برحمته ويصبر أهله وذويه
اللوحة العذراء
قالت لي اللوحة ا لعذراء:
هو عالمٌ تسكنه البغضاء
يخطو على أقدامِ عرجاء
مطموساً بأنانيته الحمقاء
يسطو على الرغيف
وعلى أحلام البؤساء
لهم أمجادهم الزائفة
ولنا بصيرة
تخترق الجدران الصمّاء
لهم شباك أحقادٍ
حاكتها أطماعهم
ولنا رغيف محبةٍ
وورود مودةٍ وحياء
ياصديقي …
تعال لنواصل عزفنا
والغناء
فعلى أوتار كمانك
تسكن الجروح
وعلى إيقاع أنغامك
خيوط الحبّ تلوح
وإليك يا صديقي المعتزل أبوح
كانت الكآبة تسري في جسدي واليأس
لكنّي أدركت الآن وبالأمس
أن رحيق الألوان
أقوى من كل أفول
وأن هواجس القصيدة
لا تخنقها الفلول
وإليك ياصديقي العاشق … أقول
لن يخيب بالحب الأمل
فالحياة لازالت تختبر صبرنا
ولازلنا نتوّجها بالعمل
* منيرة أحمد / نفحات القلم