Your Content Goes Here
*حوار في غربة
* الأديب د. سليمان الصدّي
**********
دائما يتحفنا المغترب الأديب سليمان الصدي ، بروائع من بوح شفيف عن توق لمرابع لم تغادره وان بعد عقود… وليسمح لي بتنويه انه مكنى بالصدّي نسبة إلى جذوره واجداده الصدديين ..،،من صدد، شرق حمص ،، فمسقط راسه ونشأته في ازرع
ومن صفحته لفتتني هذه المناجاة الحوارية ،، بينما هو يتمتع بتنسم عبق الياسمين في زيارة جديدة لشآمه فهنيئا له …..
* الاعلامي سعدالله بركات
============
في ليلة من ليالي غربتي غالبني حنيني إلى وطني، فغلبني، وتساقطت عَبراتي، فتشخصت نفسي بصورة شخص يحاورني، ودار بيننا الحوار الآتي:
– لماذا تتثاقل في الغربة أيها الزمن؟ تمر اللحظة قاسية، تحمل ثقلاً لا يُطاق.
ذاتي: لأنك تعيش بعيداً عن جذورك، عن الأرض التي شهدت أولى خطواتك، وأحلامك. في الغربة، كل شيء بارد وغريب، حتى الزمن يصبح عدواً ثقيلاً.
– لكن عندما أعود إلى الوطن، يمرّ الزمن بسرعة خاطفة. كأن اللحظات تتسارع بلا هوادة، تتركني ألهث خلفها من دون أن أسعد باستمرارها.
ذاتي: في وطنك، الزمن له طعم مختلف. كل ثانية تُثريها الذكريات، تضج بالحياة، تملؤها الأصوات المألوفة والألوان التي تسرق الأعين. هناك، يمر الزمن بسرعة لأنك تعيشه بكل جوارحك.
-لكنّ الوطن يئن تحت جراحه، الحياة هناك صعبة، والتحديات لا تنتهي. كيف يبقى الحنين مشتعلاً على الرغم من كل هذا الألم؟
ذاتي: الجراح عميقة، نعم، لكن حب الوطن أعمق. في قلبك، تجد دفء العائلة، ذكرى صوت أمك وهي تناديك، ذكرى معول أبيك وهو يحفر حول شجر الزيتون، ترى والديك شجرتي زيتون راسختين في الأرض، تتذكر حميمية اللحظات مع الأحباب. هذا الحب هو ما يبقي الحنين متقداً.
– أشعر بأنني ممزق بين عالمين. في الغربة، أعيش بطء الزمن ووحدته، وفي الوطن، أختبر سرعة الزمن ودفء اللحظات.
ذاتي: هذه هي مأساة المهاجر. يتأرجح بين ثقل الغربة وحلم العودة، يستمد القوة من ذكريات الوطن ومن أمل العودة.
– أليس هذا أمراً مؤلماً؟ أن تكون دائماً في حالة انتظار، أن تعيش بين حنين لا ينتهي وغربة لا ترحم؟
ذاتي: نعم، إنه مؤلم، لكنه أيضاً يمنحك القوة. الأمل في العودة هو ما يضيء ظلام الغربة، والحنين هو ما يحفزك على المضي قدماً. في أعماقك، تعلم أن الوطن هو الملاذ، حتى لو كان جريحاً.
– إذن، يبقى الأمل والحنين هما ما يمنحانني القوة؟ كيف أستمر في هذا الطريق الطويل؟
ذاتي: نعم، الأمل والحنين هما نورك في ظلام الغربة. تذكر دائماً أن الوطن يسكن في أعماقك، وأن كل خطوة في الغربة تقربك من العودة، مهما طالت الرحلة. هذا الأمل هو ما يجعلك تصمد، ويجعل حب الوطن يتغلب على كل الجراح.