من الضروري وبشكل مستمر، أن نتفقد:
– قلوبنا ونقائها وطيبتها، فهل لا زالت على حالها أم تأثرت وغيرتها الاوضاع والمواقف والحياة، وعلامة ذلك، ان نسمع صوتها في المواقف التي تحتاج الى التعاطف والانكسار، والشعور بالألم للآخر، وكذلك في طمأنينتها ووسوستها، ومدى استعدادها للمسامحة والغفران.
– عقولنا ووعينا وبصيرتنا، فهل لا تزال تلح علينا بأسئلة المعرفة المنتجة، وتبحث عن مواطن الوعي، وتمارس النقد دون ان تحوله الى جربزة وشيطة، وتحاكمنا في رفضنا وقبولنا، وتتفحص معنا الاحداث والقضايا، وعلامة ذلك، ان نتفقد رغبتها في المعرفة الجديدة، وشعورها بالفرح عند الحصول عليها، ووقوفها او سدورها وغيابها أمام الاشكاليات والقضايا الملتبسة، وبماذا تهمس لنا، حين نكون في المواقف التي تجرنا للتسرع والتهور والتصرف بما لا يليق بنا، وهل تذكرنا بما فعلنا، وهل تسهل علينا طريق الاعتذار والاعتراف بالخطأ، إن حدث ذلك.
– إيماننا وعقيدتنا، ومدى شعورنا بالطمأنينة والوضوح منهما، ومقدار ما يمداننا من العزيمة والثبات في الزلال والمنزلقات، والأمل الذي يبعثانه في روحنا وقلبنا لمصير حسن وعاقبة طيبة، وعلامة ذلك، ان نسمع وحيهما في داخلنا، عندما يتم التشكيك بهما، وحجم غيرتنا ورفضنا لمن يسيء لهما، وقدر حضورهما في العلم والعمل، إذ ينبغي ان يكون، كل علمنا وعملنا من وحيهما.
– صداقاتنا وعلاقاتنا وروابطنا، فهل تتوافق وتتسق مع طبية قلوبنا وطهارة نوايانا، ووعي عقولنا، وصحة ايماننا وعقيدتنا، وهل هي قائمة على شعور إنساني نقي أم هي صفقات وجولات، وارباح وغايات ومقاصد، وميول ورغبات، وهل أدينا حقوقها، وفعلنا ما ينبغي تجاهها، فوصلنا المقطوع منها، وأدمنا المنسي، وسبقنا بالمبادرة، وتعاملنا بالعفو والاحسان، وترفعنا عن صغائر الامور، ولم تغيرنا الوشايات وكلام اهل السوء، أم اننا تأثرنا بذلك، وتغيرنا معه، وحملنا في قلوبنا وصدرونا، وعلامة ذلك، ان نرى اصدقائنا واخلائنا وصحبتنا واهل صلتنا، هل يعدون عند اهل الخير والصلاح من الاخيار ام من الاشرار، وهل قربهم يزيد من طيبة قلوبنا ام يقسيها، ومؤانستهم تلهم عقولنا الصواب ام تشوش عليها، وهل حديثهم منشغل بتناول الناس والانتقاص منهم وتعداد العيوب ام انهم يدعوننا الى الانصراف عن هذا، والاهتمام بما خير وصلاح، وهل يعاملوننا بمبادرة العطاء ونفوسهم مترفعة مما في ايدينا، وهل يذكروننا اذا نسيناهم، ويبادروننا اذا قطعناهم، ويتواضعون معنا رغم علو مكانتهم، ويحرصون على الوقوف الى جانبنا في كل امر مهم عندنا، ووقوفهم هذا وقوف محبة لا وقوف اسقاط فرض ومعاينة، أم الامر خلاف ذلك.
– ذاتنا ونفسنا، فهل انصفناها، ومكناها من ان تدرك المقام الذي يليق بها، وهل غذيناها بما ينفعها، وبصرناها بما يفيدها، وحملناها قدر استطاعتها ولم نقسوا عليها او نفرط في حمولتها، ولم نستهلكها في علاقات تافهة، وصلات عقيمة، ودروب تائهة، وقضايا فارغة، ولم نتسبب في ذلها وهوانها وإهانتها والانتقاص من قدرها، ولم نقتلها باللوم والتقريع والانتقاص، بل تعاملنا معها بلطف ويسر، وبنصيحة مشفق محب، وعاطفة أم حنون، وهل فوتنا عليها فرص حقها من الحب والاستئناس بمن يطابق ويوافق طينتها وشقيق روحها، وعلامة ذلك، ان نرفع يدنا عنها قليلا، ونسمع صوتها وأنينها، ونتفقد رضاها عنا، ومدى استقرارها وطمأنينتها، وعلى قدر الجواب، ندرك انها بخير او ليست بخير..
مما لا شك فيه، اننا نحتاج الى تفقد قوائم مطولة من المفردات، لكنني اكتفي بذلك لانها الاهم، ومع مراجعتها يتحقق كل خير..
طبعا المراجعة التي يلحقها العمل بما ترتبه من امور واستحقاقات، وإلا فإن المراجعة لوحدها لا تكفي..