لاشك أنّ ( قانون قيصر) الذي أقر أخيرا من قبل أمريكا بعد سنتين ونصف من إصداره ..هو سلاح إعلامي وسياسي واقتصادي ..
ولعلّ من مفارقات هذه الأيام الحُبلى بكلّ أنواع التناقضات والصراعات، هو إصرار الإدارة الأميركية، وهي التي تواجه ما تواجهه من أزمات على كلّ الصعد، وفي كلّ المجالات، إصرارها على الضغط على دول العالم وشعوبه كافّة لتطبيق «قانون قيصر»، الذي أقرّه الكونغرس الأميركي في أواخر العام الماضي. ويهدف هذا القانون إلى إحكام الحصار على سوريا وشعبها ودولتها، بذريعة حماية المدنيين في هذا البلد، المعروف باستعصائه على الإملاءات الاستعمارية والمشاريع الصهيونية، منذ أن أصبح دولة مستقلّة…
تطبيق قانون قيصر الآن هو محاولة أميركية لفرض حصار اقتصادي خانق على سوريا والسوريين ولا سيما لجهة تعطيل عمل المؤسسات الحكومية وعرقلة عملية إعادة الإعمار…
إلا أنّ ثمة تبايناً واضحاً في قراءة الاقتصاديين السوريين لحجم التأثيرات المحتملة لدخول القانون حيّز التنفيذ.
.
ثمّة من يعتقد بأن البلاد مقبلة على عقوبات اقتصادية «أشدّ» من السابق، وستظهر انعكاساتها السلبية تدريجياً على مختلف نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية…
في المقابل هناك من يرى في الأمر تهويلاً لا مبرّر له، بالنظر إلى أنّ سوريا كانت دائما تحت عقوبات متنوّعة منذ بداية العقد الثاني من القرن الحالي
فكيف الآن وسوريا يدعمها حلفاء وأصدقاء كثر…
و أنّ الأمر ليس بهذا التهويل، وأن البلد الذي استطاع تجاوز حصار الثمانينيات عندما لم يكن هناك أي دعم خارجي، يستطيع تجاوزه الآن مع الأصدقاء والخلفاء …
لكنّ الجديد الآن في قانون «قيصر» هو تضمنه بنوداً مختصّة بحلفاء دمشق، في موسكو وطهران وبيروت، تهدف إلى منعهم ـــ بالدرجة الأولى ـــ من الانخراط في جهود إعادة الإعمار، وعدم دعم الحكومة في قطاعات مختلفة.
ومن الواضح أن بنود القانون كلها تصبّ في مجرى واحد وهو خنق دمشق، ورفع كلفة الصمود في وجه الإرادة الأميركية إلى حدها الأقصى
و لمواجهة هذا القانون والتخفيف من وقعه تكون عبر تعزيز البنيان الداخلي رغم الظروف المعيشية الصعبة
للمواطنين…و كذلك التركيز على نقاط القوة وتحويل نقاط الضعف إلى فرص للتحسين والتطوير عبر الاستفادة من القطاع الخاص المُستثنى من العقوبات و بتكثيف التعامل مع الأسواق في دول الجوار /وعبر طرق التفافية/ والتي يبلغ عدد المستهلكين فيها أكثر من مئتي مليون نسمة وهي /،لبنان و العراق ودول الخليج وبعض دول شمال أفريقيا/ ولو ارتفعت تكلفة النقل الناجمة عن طرق التوصيل ..
ولا بدّ من التذكير هنا ، أنّ واشنطن العاجزة عن منع ناقلات نفط إيرانية من كسر الحصار على فنزويلا، والعبور إلى البحر الكاريبي أي إلى «الحديقة الخلفية» للولايات المتحدة الأميركية، تظنّ أنها قادرة على أن تفرض حصاراً عربياً وإقليمياً وعالمياً على سوريا العريقة، في مواجهة كل أنواع الحصار منذ خمسينات القرن الماضي حتى اليوم