مَوَاوِيلُنَا أَوْرَثَتْنَا الْبَقَاءَ
عَلَى وَطَنٍ غَارِقٍ بِالْخَدَرْ
فَأَيَّامُنَا مِثْلَمَا الْأُمْنِيَاتِ
دُخَانٌ تَوَجُّسُهَا يُحْتَضَرْ
وُجُوهٌ تَمُرُّ تَفَاصِيلُهَا
تُبَعْثِرُ مَا قَدْ يُخَبِّي الْقَدَرْ
تَرَكْنَا مَوَاجِعُنَا الطَّافِحَاتِ
وَ رُحْنَا نُلَمْلِمُ مَا يُنْتَظَرْ
أَمَا تَرْعَوَنَّ إِنَّ هَذِي الْحَيَاةَ
قَصِيرٌ مَدَاهَا وَ قَدْ لاَ تُسَرْ
لِيُسْرَقَ حُلْمُ الْجِيَاعِ الْحُفَاةِ
وَ تُقْبَرُ أَحْلاَمُ تِلْكَ الصِّغَرْ
لَكَمْ قَدْ هَجَرْنَا هَوَى الْغَانِيَاتِ
لِنُنْشِدَ عِشْقًا لِنَيْلِ الْوَطَرْ
أَيَا مَنْ قَطَعْتُمْ مِدَادَ النَّقَاءِ
وَ هَذِي جُذُورِي بِلاَ مُدَّخَرْ
صُدُورٌ لَنَا لاَ تَهَابُ الرَّصَاصَ
وَ بَغْيَ الْعَدُوِّ بِرَغْمِ الْخَطَرْ
لِأَنْفُثَ فِيكُمْ أَمَانِ الْشَبَابِ
وَ نَعْبُرَ نَحْوَ شَوَاطِ الدُّرَرْ
وَ نَنْزَعَ هَمَّ الْلَّيَالِي الْثِقَالِ
لِنَفْتَحَ أُفْقًا لِيَسْمُو الْبَشَرْ
وَ نَرْسُمَ هَمْسًا صَدَى الذِّكْرَيَاتِ
لِنُحِي النُّفُوسَ بِفِكْرٍ أَغَرْ
نُطَرِّزُ رَوْضَ الْفَضَاءِ الْجَمِيلِ
وَ نَبْعَثَ رُوحًا لِدَحْضِ الْكَدَرْ
لِتُونِسَ ذَاكِرةٌ لَنْ تَغِيبْ
تَلُفُّ السِّنِينَ وَلَا تُخْتَصَرْ
تُمَزِّقُ ظِلَّ الْقَمِيصِ الْقَدِيمِ
لِتَغْسِلَ كُلَّ جِرَاحَ الضَّرَرْ
وَتَنْبُتُ شَامِخَةً كَالنَّخِيلِ
لِتُزْهِرَ مُورِقَةً كَالشَّجَرْ
عَلَى سُلَّمِ الْوَقْتِ فَاضَ الْعَطَاءُ
لِيُنْعِشَ رُوحِيَ رَغْمَ الضَّجَرْ
فَنَحْنُ نُغَنِّي لِفَجْرٍ جَدِيدٍ
وَ كَمْ مَوْقِفٍ شَاهِدٍ لِلنَّظَرْ
بَحْرُ الْمُتَقَارِبِ
عِمَادُ الدِّينِ التُّونْسِي