صراع الوجود من هرتزل إلى ترامب الجزء الأول

د. محمد رقية
لقد قلت وكتبت سابقا” كما الكثيرين ,بأن منطقتنا التي زرع في قلبها هذا الكيان الصهيوني الغاصب كالخنجر المسموم لن تعرف الهدوء والإستقرار ولن تتخلص من الصراعات والحروب ولن تتطور وتتقدم وتنمو نموا” طبيعيا” طالما بقي هذا الكيان جاثما” في وسط هذه الأمة والصراع معه وجودي، مهما حاول البعض المتخاذل من التخفيف من وطأة هذا الصراع وديمومته، ومهما كثر عدد المطبعين ومهما ازداد عدد المتشائمين والمنهزمين ومهما تنوعت أعداد الخونة والعملاء والجواسيس
كيف يتجلى ذلك ؟؟؟
يتجلى ذلك من خلال الإطلاع على ماحدث في هذه المنطقة منذ هرتزل ومؤتمره الصهيوني الأول حتى وصولنا الى ترامب الأمريكي.
والتي يمكن أن ألخصها بالتالي:
1- لقد بدأت أولى مؤشرات هذا الصراع منذ المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بازل بسويسرا عام 1897 برئاسة الصهيوني الأول تيودور هرتزل , حيث أقر المؤتمر :
– هدف الصهيونية الأول هو إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين بالوسائل التالية :
أ‌- تشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين
ب‌- تنظيم اليهود وربطهم بالحركة الصهيونية
ت‌- اتخاذ كافة التدابير والسبل للحصول على تأييد دول العالم للهدف الصهيوني
ث‌- تأسيس المنظمة الصهيونية العالمية بقيادة تيودور هرتزل
ج‌- تأسيس الجهاز التنفيذي ( الوكالة اليهودية ) لتنفيذ قرارات المؤتمر
علما” أن أولى الدعوات لإنشاء كيان صهيوني في فلسطين كانت دعوة نابليون بونابرت لليهود للقدوم لفلسطين أثناء حملته على فلسطين لإحتلالها عام 1799 بعد عام من احتلاله لمصر , ثم تولت بريطانيا هذا الأمر بعد ذلك .
2- لقد أعطي هذا الهدف طاقة جديدة من خلال مؤتمر كامبل بانرمن في لندن عام 1907 , أومؤتمر دول الإستعمار السبعة , بريطانيا , فرنسا , إيطاليا , اسبانيا, البرتغال , بلجيكا وهولاندة , وهو من المؤتمرات الخطيرة التي لايعرف الناس عنها الكثير , حيث قرروا بتوجيه بريطاني إنشاء كيان وظيفي دخيل في فلسطين ليشكل بؤرة في قلب الوطن العربي ويفصل مغربه عن مشرقه , وقرر المؤتمرون على ضرورة إبقاء شعوب منطقتنا مفككة , جاهلة ومتأخرة ومنعها من امتلاك العلوم التقنية، ومن هنا يمكن تقدير أسباب رعب الغرب وجنونه من التطور العلمي في إيران , واغتيال العلماء العرب في العديد من البلدان العربية وهذا مانفذوه أيضا” بعلماء العراق عند إحتلاله عام 2003 عدا عن استهداف مراكز الأبحاث العربية في سوريا والعراق بالطيران الصهيوني .
3- أخذ هذا الصراع طابعا” رسميا” بعد وعد بلفور البريطاني المشؤوم في 2 تشرين الثاني عام 1917 بإقامة كيان صهيوني على أرض فلسطين
4- تم العمل على زيادة الهجرة اليهودية من كل دول العالم إلى فلسطين خلال الفترة اللاحقة وتأسيس عدد من عصابات القتل والإجرام الصهيونية في فلسطين كعصابات الهاغانا وشتيرن والأرجون والبلماخ وغيرها
5- الثورات الفلسطينية المتتالية ضد الإحتلال البريطاني والعصابات الصهيونية , التي تشكلت برعاية البريطانيين وأهمها الثورة الكبرى عام 1936 , بعد استشهاد المناضل الكبير عزالدين القسام ، التي استمرت ثلاث سنوات وسقط فيها 5000 شهيد وسيطرت في إحدى مراحلها على معظم الريف الفلسطيني وبعض المدن .
6- بالدعم والتنسيق مع بريطانيا المستعمرة لفلسطين تم إعلان قيام الكيان الغاصب في 15 أيار 1948على أرض فلسطين في نفس اليوم , الذي أعلنت فيه بريطانيا إنهاء انتدابها وتم زرعها كخنجر في قلب الوطن العربي . وقامت حرب الإنقاذ العربية بنفس اليوم واستمرت حتى 7 كانون ثاني 1949 التي خسرها العرب وتم تهجير الشعب الفلسطيني من أراضيه حيث شرد خلال عامي 48-49 مايزيد عن 800 ألف فلسطيني ولم يبق إلا كل طويل عمر في منطقة الجليل .
وكان قد صدر قبل ذلك من الأمم المتحدة قرار التقسيم في 29 تشرين الثاتي 1947 الذي رفضه العرب .
7- العدوان الثلاثي البريطاني , الفرنسي, الصهيوني على مصر عبد الناصر في 29 تشرين أول عام 1956 بعد تأميم قناة السويس وانتصار مصر فيها, وأفول نجم بريطانيا وفرنسا وظهور الدور الأمريكي المتزايد في المنطقة , واشترك الشهيد جول جمال من سوريا بصد العدوان بتفجير المدمرة الفرنسية جان بار وإغراقها. ، كما اشترك الطيار السوري الشهير فايز منصور في الدفاع عن مصر في هذا العدوان .
8- الاعتداءات والمعارك العديدة مع الكيان على الحدود السورية بعد هدنة 1949 وأهمها معارك طبريا عام 1955 ومعارك عام 1961 و1964 و1965ومعارك طبريا العنيفة عام 1966 التي قصفت فيها قواتنا الجوية الزوارق الصهيونية في بحيرة طبريا واستشهد فيها الطيار البطل غازي الوزوازي .
9- عدوان وحرب الخامس من حزيران عام 1967 , التي خسر فيها العرب أراض جديدة في سيناء والجولان والضفة الغربية
10- حرب الإستنزاف التي قادها الرئيس جمال عبد الناصر ضد القوات الصهيونية التي احتلت سيناء والتي استمرت أكثر من ألف يوم وبدأت في 1 تموز 1967 وحتى 7 أب 1970ومرت بثلالث مراحل , مرحلة الصمود ومرحلة المواجهة ومرحلة الإستنزاف وفيها عاش جنود الكيان بحالة هستريا دائمة وفيها تم تدمير العديد من قواته البرية والجوية والبحرية كالمدمرة ايلات , وقد ارتكب العدو العديد من الجرائم بحق المدنيين كقتل الأطفال في مدرسة بحر البقر والعمال في مصنع أبو زعبل وغيرها .
وفي نفس الوقت شهدت الجبهة السورية معارك عديدة جوا” وبرا” كان أشدها المعارك الجوية قبل حوالي 10 أيام من حرب تشرين .
11- معركة الكرامة في الأردن في 21 آذار عام 1968 , وهي المعركة التي التحم فيها الجيش الأردني مع الفدائيين الفلسطينيين في جبهة واحدة لكسر العدوان وانتصروا عليه وقد خسر فيها العدو الصهيوني خسائر كبيرة , وانسحب يجر أذيال الخيبة .
12- أحدأث أيلول الأسود عام 1970 ، التي ضرب فيها الملك حسين ملك الأردن فدائيي منظمة التحرير الفلسطينية وأنهى وجودهم في الأردن وكانت من أكبر نكسات العمل الفدائي الفلسطيني ضد الكيان الصهيوني . تم في النتيجة إخراج منظمة التحرير الفلسطينية الى لبنان.
13- حرب تشرين التحريرية في 6 تشرين أول عام 1973 , وهي أول حرب هجومية على الكيان الغاصب يقوم بها الجيشين العربيين في سوريا ومصر , التي قهرت الجيش الغاصب الذي لايقهر وأعادت للعرب عزتهم وكرامتهم, وحرر فيها أجزاء كبيرة من الأرض المحتلة حيث وصل الجيش السوري في بعض مراحلها إلى بحيرة طبريا وحطم الجيش المصري خط بارليف وحرر الضفة الشرقية لقناة السويس ,ولكن خيانة السادات أثناء الحرب وبعدها أجهضت تحرير الأرض وأغلب النتائج التي كان يمكن الحصول عليها من هذه الحرب تحريرا” واستثمارا” للإنتصار.
يتبع الجزء الثاني