أقدم وأهم المصايف الجبلية في الساحل السوري وأكثرها جمالاً , تتربع على سفح جبل بازلتي تنبعث منه الينابيع المعدنية الرقراقة وسط الغابات المعمرة من أمهات شجر السنديان والبلوط والدلب والتوت وضمن منطقة اصطياف ذات طبيعة خلابة ساحرة في غاية الجمال .
تاريخها موغل في القدم , مرت بها الحضارات التي انتشرت في مناطق جبال الساحل السوري, تعرضت في تاريخها لحريق كبير عام 1838م, كان لها دور هام في التاريخ الحديث, أما اسمها فهو مشتق من الآرامية السورية القديمة بمعنى المحطة الصغيرة.
ولأنها مدينة المياه الصافية والينابيع الجارية كان لابد من استثمارها فجاء قرار إقامة معمل لتعبئة المياه المعدنية فيها .
تقع على سفح أحد الجبال المكللة بالخضرة والغابات يرتفع حوالي 550 مترا عن سطح البحر, تبعد عن طرطوس 35 كم وعن مدينة صافيتا حوالي 17كم ، ويبلغ عدد سكانها 120 ألف نسمة، وهي مركز منطقة يتبع لها 110 قرى موزعة على ثلاث نواحٍ هي : دوير رسلان وحمين وجنينه رسلان, تتمتع المدينة بموقع جميل وفيها العديد من ينابيع المياه المعدنية الطبيعية وتشرف على مشاهد وطبيعة خلابة .
عرفت بشكل خاص أيام الحروب الصليبية إذ كانت ممراً للطرق الفرعية بين طرابلس والساحل والداخل , وكانت تصل بين مملكة أرواد وبين معبدها حصن سليمان حيث يتوفر فيها الماء والظل .
إلى جانب المناظر الطبيعية التي حباها الله بها تأتي مجموعة من المواقع الأثرية الهامة لتشكل مؤهلات المنطقة السياحية فيها ومنها…
حصن سليمان الذي يبعد عن دريكيش بحدود 20كم ، قلعة بيت الشيخ ديب، قلعة الكيمة، برج تخله، حي القصر في وادي المصطبة ,قصر السلطان), ويضاف إلى ذلك جبل النبي متى بينابيعه وغابته , إضافة إلى الآثار الرومانية هناك عدد من المغاور والكهوف التي تزين المنطقة بجماليتها العريقة ومن أهمها مغارة بيت الوادي التي تعد من أجمل المغارات في العالم وهي مغارة طبيعية فيها نوازل وصواعد بعمق 1كم , وقد قامت وزارة السياحة مؤخرا بتأهيلها سياحياً بإنارتها لمسافة ٥٠٠م .
تتمتع الدريكيش بمناج جميل معتدل صيفاً بارد شتاءً, تتساقط الثلوج في أشهر الشتاء لتغطي السفوح والجبال، وتحتوى الدريكيش والقرى المحيطة بها مئات من الينابيع العذبة المتدفقة والأنهار التي تجري بين الغابات التي تضم الأشجار المعمرة التي يبلغ ارتفاع بعضها أكثر من 20 مترا وقطر ساقها يزيد على المترين , وهناك عدد من الفنادق السياحية ومقاصف ومطاعم وأماكن الإقامة ، وأماكن التخييم ورحلات السفاري بين الجبال والوديان المليئة بالكنوز الأثرية وجمال الطبيعة ، وتنتشر فيها المحلات التجارية ومراكز تخصصية ومقاهي انترنت ومرافق الخدمات كافة ، وتشتهر الدريكيش بتربية دودة القز وصناعة الحرير الطبيعي التي عرفت واشتهرت به .
يوجد في الدريكيش 12نبعاً ,هي من أكثر الينابيع غزارة في مدن الساحل السوري , تتدفق حول سفوحها من الأسفل وتتغذى من جبل (ضهر الدريكيش ) وهو حوض ماء معدني حاضنه تراب بازلتي, يرتادها من يطلب علاجاً طبيعياً للرمل لخصائص مياهها المعدنية أهمها نبع الدريكيش الشهيروهو غزير يقع في أحضان طبيعة ساحرة ,حيث تصدر مياه الدريكيش إلى عدة دول بعد أن أقيم فيها معمل لتعليب المياه وقد تميزت بفوائدها العلاجية والطبية وبالنقاء والصفاء , ويمكن اعتبارها كعلاج لمرضى الرمل وعلاج مساعد لمرضى الحصى للتخلص منها, ومن هذه الينابيع: نبع عين الفوقة، عين الفزرة، عين بيت تليمة، عين السويدة، نبع تقله، عين أحمد، نبع رزوق، نبع عين الدلبة، نبع بيت الوادي، نبع أبو حلاويش ..
قال الشاعر الكبير حامد حسن في الدريكيش
بلد إذا نزل المدب على العصا
فيها تعود له الشبيبة والصبا
بلد الوشاح السندسي وكلما
طلع الصباح على الوشاح تخضبا
فؤاد حسن حسن … نفحات القلم


















