يتساءل البعض هل ما رافق معرض الحرف والمهن الذي أقيم في (التكية السليمانية) من تسليط إعلامي و اهتمام كبير ضرورة و مستحق أم كانت هناك مبالغة؟ .
في ظل الديمقراطية و الظروف الصحية يحق لأي مواطن أن يسأل و يعبر ضمن ضوابط الأمن والأمان الوطني و الشعبي وبما لا يسيء أو ينتهك حقوق الآخرين وبالتالي التساؤل صحيح و برأينا إن الضجة مبررة في ظل الإرهاب الاقتصادي المتنوع الأدوات و الذي نجمت عنه ضغوطات لم نعانِ منها في المواجهة العسكرية للإرهاب. و أهمية المعرض تأتي من نقاط عديدة ، أولاً أنه من منتجات حرفيي ومهنيي حلب التي حوصرت و قُصفت ودُمرت و سُرقت أغلب طاقاتها الإنتاجية لاحقاً لما مورس عليها من حرب إغراق، وكل الهدف طمسها و تقليم أظافرها كعاصمة للصناعة السورية و ركيزة للشرق الأوسط و العالم، بحيث كان تفوقها كلياً بالمنسوجات والأحذية والصابون و الجلديات ومختلف المهن والحرف. وهذا المعرض يؤكد أن حلب وسورية حية شامخة طالما بقي إنسان سوري وأن الأصالة والخبرة والمعرفة متجذرة متشربة بعقول ودماء السوريين و أن مهن وحرف حلب قامت أقوى مما كانت عليه وأن العمل هو الأساس لا البكاء على الجريح ومن ثم المشاركة بدفنه، وكذلك هذا رسالة بأننا نملك القدرات والأدوات و الخبرات للاعتماد على الذات والاكتفاء الذاتي لمواجهة الحصار والعقوبات والخناق والذي لم يشهد سابقاً له مثيل على أي بلد وأي شعب والذي ليس وليد اليوم وإنما سابق لفترات وحتى خلال الحرب القذرة المركبة بدأ مع بدء الإرهاب وسبقها بإغراق بلدنا بمنتجات لضرب صناعتنا ومهننا وحرفنا و ضرب أمننا الاقتصادي والاجتماعي .
وجاء هذا المعرض ليكون في دمشق العاصمة التاريخية، و لتكريس السيادة ودحض أي أفكار تضلل بأي تفتت أو خلل بالنسيج السوري وبوحدته.
بالإضافة لما سبق فالمعرض ترويجي في فترة بدأت الدول بالبحث عن مداخل و طرق للوصول إلى الفوائض من المنتجات السورية المتميزة بالنوعية والجودة و الأسعار كما وجدناه مع الحمضيات، وكذلك تسويقي من المنتج إلى المستهلك مع تجاوز حلقات تتلاعب بالأسعار وتضاعفها وهو ذو فائدة مركبة للمنتج والمستهلك ورسالة واضحة للمحتكرين و للمتلاعبين بقوت الشعب ولقمة عيشه.
وكذلك هو رسالة للانطلاقة القادمة، فهذه الحرف متناهية الصغر وصغيرة، وعبر التراكم من المؤكد أنها ستتوسع وتجذب وتشجع الآخرين .
ومن ضمن ما لفت النظر زيارة السيد الرئيس كرسالة لأهمية الاعتماد على الذات لمواجهة الإرهاب الاقتصادي ومما جاء في تصريح لسيادته بأن الإرهاب الاقتصادي سابق لقيصر وهو ما تطابق مع إحدى ندواتنا في فرع اللاذقية لجمعية العلوم الاقتصادية حول السياسات النقدية والمالية وثغراتها، وأهمها سعر الصرف و حجم الأموال التي حجزت وضيعت في لبنان والتي قدرت بـ ٤٠ مليار دولار، وسط صمت من وضعها لأن أغلبها هو بمثابة التهريب وتجفيف البلد من العملة الصعبة، في ظل المضاربة على الليرة والذي كان أخطر اداة لضرب الاقتصاد. ولم تقتصر الأمور على هذه الأموال ولكن كان هناك تجفيف منظم وتهريب تجاوز البنوك والغاية إضعاف الليرة وإسقاط البلد وهذا الكلام واقعي ومنطقي وعايشناه. ومن المؤكد أن تستمر الأصوات السوداء التي لا يهمها الوطن ولا المواطن وهي تظن أنها تملك مشروعاً ولكنها أجندات خارجية بالتشكيك بأي حقيقة ولهم من ورائها غايات سمسرة وتشكيك وضرب مصداقية .
ما يهمنا العمل المؤسساتي لجلب هذه الأموال عبر مراسلات حكومية بعد مطالبات من أصحابها وكذلك العمل على سياسة نقدية جاذبة لمثلها مدخرات بالعملة الصعبة بين أيادي البعض، وكذلك البحث عن أساليب تجفف التحويلات اللاشرعية ولتكون المصارف ومراكز التحويلات جسراً لها بعيداً عن موضوع رفع السعر والذي لم ولن ينفع.
ثلاثة مواقف تحمل رسالات هامة وهادفة. زيارة ميدانية للأراضي التي حاول الإرهاب النيل منها وتهجير أهلها والصلاة بعيد المولد النبوي في جامع بدمشق بعد الحملة الإرهابية على الرسول الكريم(ص) وهي أقوى رسالة لمواجهة من يريد تشويه إسلامنا وأي دين أو مذهب أو قومية لحرف الصراع و زيادة الدماء، وزيارة معرض التكية ليكون الاعتماد على الذات وتشجيع الإنتاج المحلي ونتمنى أن يترافق بفتح التنافسية وضرب الاحتكار وتقوية دور المؤسسات و فرض إصلاح القطاع العام.
وكما سمعنا سيكون هناك إجراءات تدريجية لضرب تجار الأزمة والدم و أدوات ضرب وتجويع الشعب.
كلمة جميلة اختصرت المشاهد. العمل للجميع، البلد بحاجة لتكامل الكل في خندق الوطن .
تقوية المؤسسات، تفعيل القانون فوق الجميع والمواطنة، و استعادة الأموال ورؤوس الأموال و الخبرات المهاجرة.
الدكتور سنان علي ديب