د. م . عبد الله احمد
يعتقد البعض أن الحياة تسير ضمن مسار خطي مستقر خلال تطورها، وهذا التصور ناتج عن ذكرى حسية نحتفظ بها لبرهة زمنية خلال مسار الحياة الشخصية او خلال المسار الجمعي، إلا أن هذا التصور خاطيء وخادع، فالمسار لولبي دوري محكوم بالتردد الذاتي المتصل بالكوني، وهذا يعني أن الانتقال من حالة الى أخرى حتمي، وهذا يتطلب توازن فكري وحث فكري، وإلا سيحدث الخلل، وبالاخص عندما يركز البشر على الجانب العاطفي والحسي على حساب الفكري، ومن هنا يحدث عدم التوازن وتحدث الكوراث والأزمات، فالتحول يحتاج الى تردد أعلى (الى فكر وبعد روحي) بينما يركز معظم البشر على الحسي والغريزي، فيتضخم لدى هؤلاء الجشع والأنا، دون تطوير للمعرفة وللتجربة وللتبصر في رسالة الحياة وجوهرها .
ما نختبره الآن في هذا الزمن (الحقبة، البرهة) هو المثال الحي؛ الحرب بيئة للفساد والجشع ولنمو الجانب الحسي على حساب العقلي والفكري، ومن هنا نرى الفشل في معظم نواحي الحياة، حيث يقترب الجحيم من ثقب الجوع والبؤس والعوز، وتفشل المؤسسات وتعم الفوضى ويصبح الخروج من هذه الحفرة صعباً بل محالاً مع نمط التفكير والاداء السائد، وقد يتفاقم الوضع الى درجة يتعاظم فيها سوء استخدام الطاقة التي يمتلكها البشر، بحيث ترتد هذه الطاقة السلبية علينا بعد أن تتدخل البيئة التي نعيش فيها (كوراث طبيعة، وحروب، ومآسي) ويُهدم كل شيء ونزول حتى تعيد الارض توازنها مع جديد ويرثها شعب آخر وحضارة أخرى …
هل يمكن وقف ذلك؟ ذلك مرتبط بنا، وبتغير نمط تفكرينا بحيث ينتصر الروحي على الحسي والفكر الخلاق على الفكر الغريزي، وهذا يشمل الافراد والمؤسسات والحكومات، فالاجراءات المادية والقرارات التي لا تأخذ مصلحة الجميع هي وصفة دمار ذاتي، فالاستمرار بالحياة ضرورة ليس من أجل اشباع الغرائز والحواس وإنما من اجل الرسالة التي من أجلها خلقنا .. إذا لا بد من وقفه،وتغير في الوعي الجمعي .كي نستمر في حجز مكان تحت الشمس. ننجو فقط من خلال الصحوة والسلام، والمحبة .فالموارد على الارض تكفي الجميع، بينما يولد القسر ..القسر .الحياة مذهلة،معجزة، مسار ورسالة، برهة نعيشها الى حين نصل الى بوابة العبور، وواجب علينا أن نعيشها لنعرف من نحن ولما نعيش….