سوف يدرك البشر ولو بعد حين، أنهم كانوا مخطئين، بل حمقى ، فيما يتعلق بتفسير الرموز والاشارات التي تركتها الأمم والحضارات الغابرة، وسوف يدركوا لو بعد حين، أن ذلك يعود الى فهمهم الساذج لحقيقة وجودهم وحقيقة ذواتهم، حيث لم يتمكن معظم البشر من تفسير وجودهم إلا من خلال بنيتهم المادية وأجسادهم. ولم يستطيعوا، أو لم يجهدوا أنفسهم في البحث في أعماق أنفسهم . وهكذا وصل بنا الحال الى مجتمعات مريضة، تعيش حياة عبثية حبلى بالوهم..فالكل يبحث لاهثاً عن غذاء الجسد، بينما لا يهتم الكثيرون بغذاء الروح…وهكذا نفقد التوازن، ويغرق العالم بالحروب والاضطرابات، وبممارسة الظلم والسادية، واهتكار الموارد ..
علينا أن ندرك، أن الجسد هو وعاء ومركبة لنا، وهو ليس نحن، وانما هو صورة وتجلى….وهو يَفنى ونتركه، لكن جوهرنا باقٍ. وعندما نستوعب ذلك، ندرك عبثية الحروب واللهاث خلف المادية على حساب كل شيء آخر .
الحياة،التي نحن فيها، معجزة مذهلة، وفريدة، لكنها لغرض ..ولا يمكن لهذا الغرض أن يكون مادياً صِرفاً، وانما لغرض المعرفة والتجربة ولأجل مراكمة المعرفة، والارتقاء من خلال المعرفة بالمحبة لكي تكون تلك المعرفة نعمة، ووسيلة في الطريق الى السعادة العظمى.
لقد خاضت الأمم الغابرة صراعاً وجودياً مريراً، ونجحت تارة، وكانت ألأنا والقوى الهدامة تارة أخرى . وهكذا علينا أن نعيد قراءة تلك المفرادات والرموز والقصص والعلوم لعلنا نستقيط…ولعلنا نتلافى مصير أسلافنا. ما نحتاجه اليوم هو الغذاء .غذاء الروح بالدرجة الأولى .غذاء الروح …