يحق لكل مواطن أن يتساءل ؟ أين دور حزب البعث ؟ أين المثقفين ؟ في زمن الحرب ؟
ولماذا تـرحل الكثير من اليساريين ، إلى اللبـرالية العنـصرية ، نصيرة الأصـولية الدينية ؟
مهما كان خـلافنا مع السلطة كبيراً ، هو أصـغر بألف مرة من عدائنا مع أمريكاــ(اسرائيل)
المحامي محمد محسن
مواضيع حساسة ، ومهمة ، والاقتراب منها كمن يدخل حقلاً من الألغام ،
ولكن ومن مواقع الاحساس البالغ بالمسؤولية الوطنية ، في هذه الظروف التي تتطلب منا قول ما هو ضروري قوله .
ومن موقعي التاريخي ( كعضو في المؤتمر القطري الأول لحزب البعث عام / 1963 / ولثماني سنوات ) .
يحق لي بل من واجبي أن أقدم رؤيتي بكل صدق ، وبدون وجل ، بهدف الاصلاح ، والبناء ، لا التهديم .
وبالرغم من أنني خارج الحزب ، منذ (الحركة التصحيحية) وفي صفوف المعارضة ، التي لاقيت بسبب ذلك ، من الويلات قلَّ منْ عانى مثلها في حينه ، من سجن ، وتعذيب ، وتسريح .
ولكن والتزاماً بما فرضه علي وعي الوطني ، تجاوزت كل تلك العذابات ، وتبنيت مسألة التفريق بين السلطة التي عذبتني ، وجوعتني ، وبين الوطن ، فالوطن مستقبل ، وهوية ، ومن يتآمر على هويته ، كمن يتآمر على ذاته .
وانطلاقاً من رأيي القائم على :
[ مهما كان خلافي مع النظام كبيراً ، هو أصغر بألف مرة من عدائي الوجودي مع ( أمريكا ، وإسرائيل ، والأصوليات الدينية الارهابية ] .
كما علمتنا السياسة أيضاً أن هناك تناقض ثانوي ، وتناقض رئيسي ، وتناقضي الرئيسي هو مع أمريكا ــ اسرائيل .
هذا المبدأ هو ما جعلني أتمايز عن الكثيرين ممن كانوا معي ، في نفس التنظيم المعارض ، وفي نفس المعاناة ، لذلك أستغرب مواقف بعض رفاقي ، من (المناضلين البعثيين المعارضين الشرفاء) ، الذين لم يتمكنوا من تجاوز عذاباتهم ، فحملوها للوطن ، وبعضهم ذهب أبعد .
أما الشيوعيون فلقد غادرت الكثير من كوادرهم ، تاريخها ، وهاجروا إلى معسكر اللبرالية الأمريكية :
النوع الأول : ارتمى وتحالف مع الاخوان المسلمين ، أمثال ( جورج صبرا ، ورياض الترك ، وميشيل كيلو)
والنوع الثاني : سقط في شوفينيته القومية الكردية ، ولقد جسد هذا النوع بجدارة ( قدري جميل الشيوعي ـــ الثري ـــ الكردي ، ومعه الكثيرين ) .
أما النوع الثالث : فلقد هاجروا إلى اللبرالية العنصرية الأمريكية مباشرة .
التشكيلات الأصولية الثلاث ، تلاقت مع الأصولية الصهيونية ، لأنها كلها وبحكم مصالحها المشتركة ، تتواجد في نفس الخندق ، وتتلاقى مصلحتها في تدمير سورية ، وإلغاء دورها المحوري في المنطقة .
ومن هذا الخليط الغريب ، العجيب ، تم استنبات أخطر ارهاب متوحش في العالم يتبنى :
[ فقه أصولي اسلامي ، بنكهة صهيونية أصوليه ، وبقيادة أمريكية عنصرية ] .
وبعد هذه الانتقالات ، يُطرح السؤال الأهم :
ما هو مبرر غياب شبه الكامل لحزب البعث ، عن ممارسة دوره ، في هذا الزمن الصعب ، تجاه ما يعانيه شعبنا من ، متاعب اقتصادية وصلت حد الجوع ، وأين نشاطه الثقافي ــ الاعلامي التوعوي ، المفروض والمطلوب ، في زمن التضليل الاعلامي والفبركة ، والذي اقترب تعداد أعضائه من الأربعة ملايين ، قبل الحرب الوحشية ؟
والاستفسار الثاني :
هل تمكن هذا الحزب ، من التخفف من الأدران الإخوانية التي تسللت إلى صفوفه ، وحصلت على مراكز قيادية ، لا أقصد الأدران التنظيمية فحسب ، بل الأدران الوبائية الفقهية ـــ المذهبية ، وهي الأهم ، فلا قيامة له بدون الخلاص من تلك الأدران الدينية السوداء .
فضلاً عن انتقال الكثير من كوادره ، شأنه شأن الأحزاب المعارضة ، بعضهم عاد إلى اخوانيته ، وكثيرون منهم سقطوا في :
الخندق (الأمريكي ــ الإسرائيلي ــ الأصوليات الدينية الارهابية ) .
[ لذلك ولأن الواقع الاجتماعي صعباً ، فإنني احمل حزب البعث تاريخياً ، قيادات وقواعد ، التقصير الكبير وغير المبرر ، في حماية ، ورعاية ، مصالح المواطنين ، والدفاع عنها ، في زمن اشتد فيه الضغط الاقتصادي ، والتضليل الإعلامي ] .