لا قيمة للعواطف الالكترونية، والافتراضية ولا للمعرفة الافتراضية بالمعنى ذاته ..ورغم ذلك نرى النَوْح والحزن والرثاء والحب الافتراضي كسلوك جديد وليس كصورة للواقع..وهذا بطبيعة الحال سلوك محدث لضرورة تمكين الدين الرقمي الجديد، حيث أن تكرار السلوك يرسخ هذا الوهم داخل العقل الباطن وهكذا يتحول الانسان مع الوقت في ظل الانسجام التام مع كل ما يسوق الى سايبروغ: تجاوز الحدود الطبيعية بين البشر والآلة. فأنت تحب أو تحزن افتراضياً ولكن لا ينعكس ذلك عاطفيا في الحياة الواعية( انت ضد الفساد وتحاربه افتراضيا ولكن تمارسه على ارض الواقع، حزين افتراضيا بسبب قصة أو موت إنسان ما ..ولكنك لا تبالي بالسياق ذاته في حياتك العادية …لهاث دائم من أجل الثروة . ..البعض يحارب ويقاتل افتراضيا ضد الاعداء ..ويهرّب اولاده خارج البلاد هربا من الخدمة الالزامية ..الخ ).
العواطف الالكترونية الافتراضية “توحي” بتيار هادر من المشاعر والعواطف الحقيقة، وبالاخص عند فقدان أحد ما (من الشخصيات العامة)، ولكن الشيء الصادم يكمن في حقيقة أنها مجرد عواطف افتراضية في أغلبها، ومجرد محاولة للظهور من خلال التعبير عنها افتراضيا في بعض الاحيان …وفي أحيان أخرى، قد تكون صدمة افتراضية …مات …..هو ….مات .
الموت هو علامة الفراق والغياب، ومن المحزن أن نفقد الأهل والاصدقاء والاحبة ..لكنها صيرورة ومسار طبيعي، فما أن تكمل المسرحية حتى يحين الرحيل ..والعبرة في كتابة الصفحات الفارغة للمسرحية التي نحن أبطالها بعناية وتروي كي تكون العبرة والفائدة. والمفارقة؛ أن يحزن الناس على من يلعب دور المهرج أكثر مما يحزنون على من يقوموا بادوار خلاقة لتغير الواقع والعالم..ولكن لا يتذكر أغلب البشر أولئك الذين يقومون بادوار ثانوية مع أنها تجعل للمسرحية معنى ….يرحل البعض بهدوء، ودون ذكر …ويرحل البعض وقد قدموا تضحيات لا تقاس بثمن ..لا أحد يتذكرهم، ومع ذلك، فقدسطروا من خلال علمهم أو عملهم ملاحم لا تنسى، فكل شيء أو عمل مسجل في سجلات الكون التي لا تزول ….فلا تهتم كثيرأ للوعي الجمعي الافتراضي السائد .
علينا أن ندرك أن قوة الفكر وما ينتج عنه من عواطف ومشاعر قادر على تغير العالم وعلى تغير الواقع الذي نعيش أذا كان هذا الفكر حقيقيا وخلافاً، ولكن لا قيمة لهذا الفكر الافتراضي وما ينتجه عنه، بل هو الطريق الى السايبروغ والى العبودية الفكرية والمادية وهو الطريق الى تحويل البشر الى جثة …آله أو شبه آله تدار حسب ما يريد المشغل ..
للاسف لم ندرك بعد (شعوب وحكومات المنطقة) قوة الفكر وكيفية توجيهه وادارته ليكون خلاقاً، ونرى المؤسسات الاعلامية والثقافية و……..تهمل ما لديها من أدوات ووسائل وتساهم في تعميم الجهل…ولكن الاخطر من كل ذلك هو نشر الخوف والهلع ….وهكذا …نسقطـ، تسقط الانسانية ..إذا ..استمر …الحال …كما ..هو …عليه …..الآن
.