أقدمت قيادة جامعة تشرين على تعميم قرار يقضي بمنع السيارات الخاصة العائدة لأي موظف أو مدرس من دخول الحرم الجامعي. للوهلة الأولى القرار عادي وقابل للتطبيق وقد يراه البعض أمر منطقي في ظل الظروف الأمنية التي يعيشها البلد. القراركان باكورة الأفكار التي عكفت القيادة الحزبية الجديدة للجامعة بالتعاون مع رئاسة الجامعة المجدد لها على دراستها على مدى الشهرين الماضيين، بقصد ردم الهوة بين القاعدة والقيادة ولتكون أقرب إلى زملائها من سابقتها. فكرت القيادة وامعنت التفكير وأتت لنا بالقرارالآنف الذكرلتعبر لجماهير جامعة تشرين من مالكي السيارات – الذين يستخدمونها في تنقلاتهم بين الكليات وبين أماكن إقاماتهم المختلفة- عن أنهم يجب ان يتذكروا دائما وأبدا أن جماهيرأبناء الفلاحين والعمال ولو نالوا أعلى الشهادات وأصبحوا أساتذة جامعيين فيجب أن يتذكروا أن وسائل النقل البدائية هي الأرجل والحيوانات للمحظوظين منهم. وقبل الحكم على حكمة القرار وصوابيته لا بد من التنويه والأخذ بعين الاعتبارمايلي:
لا نظن ان أحدا من مالكي السيارات – الذين دأبوا على إدخالها إلى حرم الجامعة في أوقات السنة المختلفة – لا يؤيد القرارات التي تتخذ بقصد حفظ الأمن واعتبارات السلامة العامة. فالجميع يتعاون من أجل ذلك ويبارك ذلك. قامت قيادة الفرع السابقة بإصدار بطاقات دخول للسيارات في تموز 2013 وكان عدد البطاقات المصدرة حتى نهاية تشرين الأول المنصرم 3137 موافقة. وتم احتساب كلفة البطاقة الواحدة 500 ليرة سورية لكل بطاقة لكل سيارة.
تم تنفيذ القرار في 15 كانون الأول وكان مشهد السيارات امام الجامعة (خارج الحرم الجامعي) كارثيا. لو افترضنا ان عدد السيارات التي تدخل إلى الجامعة من حاملي الموافقات هو 30 % من إجمالي الموافقات سيكون عدد السيارات التي تدخل أكثر من 1000 سيارة. والسؤال الهام أين سيركن هؤلاء سياراتهم ؟ قد يجاوب أحدهم خارج الحرم على الطرقات المقابلة للجامعة. ولكن واقع الحال والجميع يعلم أن هذه الطرقات ممتلئة كليا في أثناء الدوام الرسمي للجامعة حتى ولو كانت خارج الحرم الجامعي وذلك لأن العديد من الطلاب يمتلكون سيارات ولكنهم لم يعطوا الموافقة ذات ال 500 ليرة وبالتالي سيضطرون لركن سياراتهم خارجهم. طبعا السيناريو الحالي (اللي بيسبق بيصف واللي ما بيبكر بيعينو الله).
كنا نتمنى من القيادة الجديدة في الجامعة أن تحاور وتشاور لكي لا تقع في إشكالات أقل ما يقال عنها أنها قرارات ارتجالية وتفتقد إلى الحكمة. فلو أقدمت رئاسة الجامعة على تخصيص مواقف تتسع لسيارات الموظفين في ساحات بعيدة عن الكليات وداخل الحرم الجامعي لكنا قلنا أن القيادة تمتلك الرؤية والمصداقية وبعد النظر. ولكن أن تقوم وبعد تفكير عميق ودراسة مستفيضة على اتخاذ قرار ارتجالي كهذا بقصد خلق مشكلة والبدء بتشكيل لجان لحل المشكلة المبتكرة فهذا أمر عجيب. لا أعلم كيف سيدافع من أقدم على هذا الاقتراح من دون دراسة كافية على الإجابة على التساؤل بخصوص رؤية واقع السيارات المركونة امام مدخل الجامعة ومشفى تشرين الجامعي الذي سيفتتح قريبا وكيف لسيارات الاسعاف ان تتحرك وبمرونة وبسهولة من وإلى المشفى في خضم هذا التكدس المرعب للسيارات أمام الطريق الذي يمر امام المشفى والمدخل الرئيسي للجامعة. كيف لهذه القيادة أن تبرر لزملائها من المعمرين والذين نهضوا بالجامعة على أكتافهم منذ انشائها 1971، وكيف لهم أن يبرروا لزميلة حامل أن تمشي إلى كليتها لمسافة قد تتجاوز 1.5 كم. بالتأكيد الرياضة والمشي مفيدان ولكن ماذا عن المشي تحت المطر وفي حر الشمس والمدرس يحمل كمبيوترا وأحياناً أوراق امتحانية بأعداد كبيرة.
الغريب أن قيادة فرع الحزب التي أصدرت القرار وعندما تراجع للاستفسار عن ملابسات القرار يقولون إن القرار جاء من مستويات عليا ويقصدون القيادة القطرية وذلك تهربا من مسؤولية القرار. ولنفرض أن الأمر كذلك فلا نعلم لماذا لم يأخذ القرار نصيبه من الدراسة. بعضهم يقول أن القرار مطبق في جامعة البعث ولكن في جامعة البعث أمنت إدارة الجامعة مرآب داخل الحرم الجامعي يتسع لمئات السيارات الأمر الذي لا يعيق حركة السير أمام مداخل الجامعة ولا يعرض السيارات للضرر نتيجة الازدحام الشديد الناتج عن التموضع الجديد للسيارات على أثر القرار الجديد. للعلم أن القرار هو بيد أمين الفرع الذي يعطي التعليمات بهذا الخصوص والذي استثنى منه في يومه الأول عدة سيارات ولم يأخذ القرار بعين الاعتبار عمداء بعض الكليات أو المعاهد العليا أو المراكز التابعة للجامعة الذين لم توزع عليهم سيارات حكومية (رغم أنها من حقهم كونهم يعملون في هكذا مناصب. أما بخصوص السيارات التابعة للجامعة والتي لا تخضع للتفتيش فإننا نلفت عناية حكماء الجامعة انها عرضة للتهديد اكثر من أي سيارة خاصة.)
كان أولى بإدارة الجامعة تنظيم ركن السيارات داخل الحرم الجامعي وبعيدا عن الكليات، وذلك بوضع جواجز معدنية او سواتر اسمنتية في الأماكن التي لا ترغب الإدارة للسيارات من الدخول إليها لدواعي أمنية. أو تأمين مواقف للسيارات داخل الحرم الجامعي وبعيدا عن اماكن الازدحام للطلاب وبعيدا عن كتل الكليات المترامية الأطراف. بقي أن نشير أن في الجامعة مرآب ضحم تحت الأرض يتسع لمئات السيارات. من باب العلم إن مساحة حرم جامعة تشرين تزيد عن مليون متر مربع ولكم أن تتصوروا مساحتها الكبيرة.
كنا نتمنى من إدارة الجامعة وقيادتها الحزبية الجديدة أن تشرك الجماهير الحزبية بالقرار بغية الحصول على قرار يتماشى مع رغبات الجميع وبأقل قدر من المشاكل الجانبية. فلا أعتقد أنه من الجيد أن يتخذ قرار ينتج عنه مشكلة كبيرة تحتاج إلى مد وجزر وخطوات طويلة وكبيرة لحل مشكلة كان يمكن ببساطة تداركها. كما كنا نأمل لو أن أصحاب القرار في الجامعة يمتلكون الشجاعة على تطبيق القرار على أنفسهم أولا ووضع سياراتهم ولو كانت عامة خارجا، عندها سنتقتنع بأنهم زملاء وبأن حالهم وحالنا واحد، وحرصنا مشترك على الجامعة.