بقلم المهندس باسل قس نصر الله مستشار مفتي سورية
لقد أفادني صديقي المسلم “أديب جودة الحسيني، من سلالة آل غضية” بالكثير الكثير مما كَتبتُ، وهو الأمين على مفاتيح كنيسة القيامة وحامل ختم القبر المقدس.
إن “كنيسة القيامة” رمزٌ من الرموز المسيحية المهمة، وتقع داخل أسوار البلدة القديمة في القدس، وتسمى أيضاً “القبر المقدس”، وهي عبارة عن مجمع معماري كبير.
بُنيت كنيسة القيامة فوق “الجَلجلة” والأصح “الجلجثة” التي تعود تسميتها إلى الآرامية “جاجولثا” بمعنى موقع الجمجمة، وهي مكان صلب السيد المسيح، وقد قامت الإمبراطورة “هيلانة” والدة الإمبراطور الروماني “قسطنطين” ببنائها عام 335 للميلاد، وجُدد البناء بشكله الحالي في القرن 12.
يوجد في هذا المجمع الكبير الذي أخذ اسم “كنيسة القيامة” عدّة أديرة، هي الكنيسة الأرمنية الارثوذوكسية، والكنيسة الفرنسيسكانية، وكنيسة “يوسف الرامي” للسريان الارثوذوكس وكنيسة “نصف الدنيا” للروم الأرثوذوكس ، وكنيسة “الملكة هيلانة” للاتين، وكنيسة “الجلجثة” للجميع، وكنيسة “رأس القبر” للأقباط.
عندما استلم “صلاح الدين الأيوبي” القدس من الصليبيين عام ١١٨٧ م، أشارَ عليه بعض مستشاريه بأن يقوم بهدم كنيسة القيامة إنتقاماً للمجازر التي ارتكبها الصليبيين بالمسلًمين والمسيحيين الشرقيين الذين كانوا يعيشون في مدينة القدس، لكن “صلاح الدين” رفض وأحبَّ أن يسمع ماذا جرى للعهدة العمرية، التي خطّها “عمر بن الخطاب” أماناً للمسيحيين. واستاء “صلاح الدين” مما سمع عن تدمير كنيسة القيامة في عهد الخليفة الفاطمي “الحاكم بأمر الله” فهو نقض صارخ للعهدة العمرية، فأحبّ “صلاح الدين” بأن يحذوا حذو “عمر”، فجمع رؤساء الكنائس وقال لهم: “أنا السلطان اليوم وأنا استطيع حمايتكم وكنائسكم، لكن ماذا بعد صلاح الدين؟”.
ثم عرض “صلاح الدين” فكرته على رؤوساء الكنائس بأن يكون أمناء مفاتيح “كنيسة القيامة” هي “عائلتي الذين كانوا من شيوخ المسجد الاقصى المبارك، ونحن معروفين للجميع بأننا من آل بيت رسول الله صل الله عليه واله وسلم، والسبب في ذلك بأنه وبعد “صلاح الدين الأيوبي” فإن أي حاكم سيحاول المساس بالكنيسة سيعلم بأن مفاتيحها مع “آل البيت” فلا يستطيع المساس بها بتاتا، حينها وافق رؤساء الكنائس بأن تكون عائلتي هي المؤتمنة على مفاتيح كنيسة القيامة” كما قال صديقي أديب، الذي أكد عدم صحة الشائعات القائلة بأنهم أعطيوا المفاتيح نتيجة خلافات الكنائس.
وتم “تعيين “آل نسيبه” من قبل عائلة “جودة الحسيني”، وذلك من أجل سحب “السلّم” ووضعه على البوابة لاعتلائه وفتح الأقفال وبعدها دفع البوابات لفتحها”.
إن كنيسة القيامة تفتح أبوابها يومياً الساعه الرابعة صباحاً وتُغلق الساعه التاسعة مساءاً. والليل بالنسبه للجميع هو السكون والراحة. ولكن عندما يتم إغلاق أبواب الكنيسه فخلف هذه الأبواب تُسمع صلوات الطوائف الليلية حتى الصباح.
شكراً صديقي “أديب جودة الحسيني”
اللهم اشهد اني بلغت