المفكر العربي الأستاذ أحمد كرفاح ٠٠٠
طبعا الجميع يعترف اليوم بأن القارة العجوز أوروبا قد أصبحت تعيش اليوم أزمة طاقة بسبب الحرب الروسية آلأوكراية ٠ وهذا مما كان قد دفع للحديث خلال هذه الأيام طبعا حول الخيارات المتاحة أمام الدول الأوروبية لتأمين احتياجاتها من الغاز، في حال فرض عقوبات على روسيا بعد أن كانت قد قامت هذه الأخيرة باجتياح أوكرانيا. طبعا ومن بين الخيارات المتاحة أمام المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة، الجزائر، القريبة من أوروبا على الجانب الآخر من البحر المتوسط. كما أن الجزائر أيضا ٠لذا طبعا الكثير اليوم يطرح هذا السؤال الوجيه و الوجيه جدا ٠
وهو طبعا :هل بإمكان الجزائر أن تضطلع بهذا الدور طبعا نيابة عن روسيا؟ من جهة ومن جهة ثانيةهل لديها الإمكانيات التقنية لذلك؟ لذا طبعا ذهبت حكومة الولايات المتحدة تستفسر بعض الشركات التي تعمل في الجزائر عن مدى قدرة إنتاج الجزائر للطاقة في مجال الغار طبعا من أجل جلب المزيد من الغاز الطبيعي الجزائري نحو أوروبا. علما بأن الاتحاد الأوروبي يعتمد على روسيا في أكثر من ثلث حاجاته من الغاز،وأن أي تعطل للتدفقات قد يفاقم أزمة للطاقة التي كانت قددفعت بالفعل فواتير المستهلكين إلى مستويات شديدة الارتفاع. هذا طبعا وإلى جانب قطر، والمملكة العربية السعودية، والإمارات، تحتل الجزائر مراتب متقدمة بين البلدان المنتجة للغاز في المنطقة العربية، وبحكم قربها الجغرافي من أوروبا، أضحت من بين الخيارات التي يعول عليها في هذه المرحلة العصيبة التي تمر بها أوروبا٠
هذا طبعا وهناك الكثير من المتعبين في هذا المجال يرون بأن الجزائر قادرة على رفع قدرتها الإنتاجية لتلبية حاجات إضافية، حتى طبعا وإن كانت تعاني من مشاكل النقل إلى الضفة الأخرى، وهو ما قد يؤثر عليها وهي تقوم بالدور الذي تريدها الدول الغربية القيام به. لذا طبعا يبقى الأمر يتطلب مساعدتها في إيجاد حلول عاجلة لتسوية إشكالية النقل، لكي تستطيع تخفيف وقع الأزمة على بعض الدول في حال حدوث حرب بين روسيا والدول الغربية٠ هذا طبعا وفي الوقت الذي تتصاعد فيه المخاوف من اندلاع أزمة طاقة في أوروبا في حال غزت روسيا أوكرانيا، فإن الجزائر تبقى طبعا البديل المناسب الوحيد لتوفير الغاز للقارة العجوز ٠ هذا طبعا وزادت الجزائر، التي لديها خطوط أنابيب إلى إسبانيا وإيطاليا مصنعا ضخما للغاز الطبيعي المسال في سكيكدة العام الماضيلزيادة إنتاجها من النفط والغاز بنسبة خمسة في المئة إلى 185.2 مليون طن من المكافئ النفطي. وهو ما كان قد جعل إنتاجها من الغاز الطبيعي المسال يزيد بنسبة 14 في المئة. كما ارتفعت صادرات الغاز من الجزائر إلى إيطاليا العام الماضي بنسبة 76 في المئة إلى 21 مليار متر مكعب، وهو ما يمثل 28 بالمئة من مجمل الاستهلاك غير بعيدة عن حجم الإمدادات الروسية التي بلغت 29 مليار متر مكعب.
هذا طبعا ويبقى هناك من يرى بأن أسبابا عديدة قد تجعل من الصعب على الجزائر أن تحل محل روسيا التي تعتبر أول مصدر للغاز في العالم. ون بين أهم الأسباب التي تعوق الجزائر على ذلك، هو محدودية إنتاجها مقارنة بروسيا، وافتقارها لتقنيات النقل الحديثة، واتفاقات مع الاتحاد الأوروبي تحد حريّتها السوقية. هذا طبعا ويبقى يُنظر إلى الجزائر كشريك طبيعي للاتحاد الأوروبي الذي يسعى لتنويع مصادر إمداداته من الطاقة بعدما أثار الصراع في أوكرانيا مجددا مخاطر الاعتماد أكثر من اللازم على روسيا أكبر مورد للطاقة إلى الاتحاد.خاصة وأن الجزائر تحتل في الوقت الحاضر المرتبة الثالثة بين كبار موردي الغاز للاتحاد الأوروبي بعد روسيا والنرويج، غير أن طاقتها التصديرية عبر ثلاثة خطوط أنابيب فقط، تمتد طبعا عبر البحر المتوسط وغير مستغلة بشكل كبير.
هذا طبعا ويبقى لدى الجزائر عشرات المشروعات التي تتوقع الحكومة أن تدر إنتاجا جديدا وتساهم في استقرار تدفق صادرات الغاز إلى أوروبا، إلا أنها في طريق الإنجاز وليست متاحة حاليا. هذا طبعا وهناك من يرى بأن هناك مشكلة قانونية تقف أمام إمكانية الجزائر بيع غازها لكامل الدول الأوروبية وذلك بسبب بنود اتفاقية أبرمتها مع الاتحاد الأوروبي تمنعها من أن تبيع مباشرة غازها، وهو طبعا مايفرض على الاتحاد الأوروبي تغيير هذا القانون لكي يتيح للجزائر أن تساهم في تعويض الغاز الروسي. هذا طبعا وتقى اتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي تمنع الجزائر من بيع الغاز بشكل مباشر من جميع العقود الراهنة والمستقبلية بين شركات من الاتحاد الأوروبي وشركة سوناطراك الجزائرية ٠رغم أن الجانب الجزائري أعاد المفاوضات مع الجانب الأوروبي سنة 2007 بخصوص بعض بنود التقييد التي تضمنتها هذه الاتفاقية، إلا أن تسويق الغاز الجزائري لا يزال محل قيود تفرضها تلك الاتفاقية، وهو طبعا ما يعدعقبة قانونية أمام الجزائر لخلافة روسيا بخصوص بيع الغاز لجميع دول أوروبا٠
كما أنه بموجب هذه الاتفاقية فإن الجزائر ممنوعة من تخزين وتسويق الغاز في أوروبا، وهو ما يعيق الهدف المرجو منها بإشباع حاجيات أوروبا. لذا طبعا لابد من أن يعاد النظر في هذه البنود لأن هذه المرحلة تعد الفرصة السانحة للجزائر لإعادة ترتيب مبيعاتها لأوروبا ودعم موقعها بين الدول المصدرة للغاز في العالم. كما أنه أيضا بإمكان الجزائر رفع قدرتها الإنتاجية للاستجابة لمزيد من الطلبات على الغاز، حتى طبعا وإن كانت لا تستطيع سد الفجوة لوحدها. هذا طبعا وبتعاضد جهودها المرتقبة رفقة قطر على سبيل المثال يمكن أن يشكل بداية حل للأزمة التي تلوح في أوروبا، إلاأن أقصى نسبة يمكن أن تصلها الجزائر بخصوص سد الطلب الأوروبي هي 20 في المائة، علما بأن هذه النسبة لا تتعدى الآن 12 في المائة.هذا طبعا ومع استمرار الحرب في أوكرانيا وبحث أوروبا عن بدائل للغاز الروسي، الكثير منالمتتبعين أصب يطرح السؤال التالي :
هل تستطيع الجزائر تعويض أوروبا وإنهاء اعتمادها على الغاز الروسي؟ وهل زيادة كميات الغاز المستوردة من بلدان أخرى تحل المشكلة؟ هذا طبعا ويبقى الجواب كا لأتي : رغم احتياطيات الجزائر الكبيرة من الغاز الطبيعي إلا أنها لا تستطيع زيادة انتاجها بشكل كبير بين عشية وضحاها لتسد حاجة أوروبا٠ بعد أن كان طبعا غزو أوكرانيا قد زعزع ثقة الدول الأوربية في روسيا، والتي تعتمد عليها بشكل كبير في تأمين حاجتها من الطاقة وخاصة الغاز. هذا طبعا ومع شعور أوروبا بمدى اعتمادها على الغاز الروسي الذي تلوح به روسيا كسلاح في ردها على العقوبات الغربية، تسعى الدول الأوروبية جاهدة إلى إيجاد بدائل للغاز الروسي.
لذاطبعا يجري الحديث عن إحياء مشروع خط أنابيب الغاز ميدكات لنقل الغاز الجزائري من إسبانيا إلى فرنسا، وهو ما يمكن أن يساهم في استغناء أوروبا عن الغاز الروسي. كما أن ألمانيا التي تستورد حوالي 55 بالمائة من حاجتها للغاز الطبيعي من روسيا، تدعم بشدة استكمال مشروع خط أنابيب الغاز من إسبانيا إلى جنوب فرنسا الذي توقف عام 2019. هذا طبعا وكان قد قد توقف مشروع خط الأنابيب هذا والذي تبلغ طاقته السنوية 7،5 مليار متر مكعب قبل ثلاث سنوات لأنه كان يعتبر غير ذي جدوى اقتصادية آنذاك، وبسبب إمدادات الغاز الطبيعي الأرخص من روسيا. لكن طبعا مع غزو أوكرانيا وبحث أوروبا عن بدائل للغاز الروسي، تغير الموقف من هذا المشروع، الذي لا يزال هناك 226 كيلومترا منه ويحتاج عامين من العمل ليكتمل. هذا طبعا وتريد إسبانيا من الاتحاد الأوروبي أن يمول المشروع.
هذا طبعا وتبقى تعد الجزائر أهم مورد غاز حوالي 40 بالمائة للسوق الإسبانية منذ سنوات. وبعد اندلاع الحرب في أوكرانيا، كانت قد اقترحت الحكومة الإسبانية الجزائر كشريك تجاري يعتمد عليه ويمكن أن يساعد في استغناء أوروبا عن الغاز الطبيعي الروسي على المدى الطويل. لكن بالنسبة للجزائر أيضا لا يتعلق الأمر بالمال فقط؛ إذ لديها اعتباراتها السياسية في العلاقات التجارية، خاصة عندما يتعلق الأمر بنزاع الصحراء الغربية. وبالتالي فإن الموقف من هذه القضية يمكن أن ينعكس على توريد الغاز وسعره. وهذا طبعا ما كان قد حدث بعدما غيرت مدريد موقفها من قضية الصحراء الغربية وأنهت حيادها بعد 40 عامامن أجل إنهاء الأزمة الدبلوماسية مع المغرب. حيث اعتبرت الجزائر الموقف الإسباني الجديد هذا خيانة وقد تدفع إسبانيا إزاء موقفها هذا الثمن غاليا طبعا برفع الجزائر لسعر الغاز خاصة وأنه منذ بداية الأزمة في أوكرانيا، انفجرت أسعار الغاز والبترول. لكن الجزائر قررت الإبقاء على الأسعار التعاقدية الملائمة نسبيا مع جميع زبائنها. ومع هذا طبعا فإن خبراء الطاقة لا يتوقعون أن تستطيع الجزائر إنقاذ أوروبا وتخليصها من الاعتماد على الغاز الروسي. لأنه لا يمكنها طبعا أن تنتج ا كميات أكبر من الغاز بين عشية وضحاها حتى لو كان لديهآحتياطيات كبيرة جدا من الغاز٠
كما أن هناك تحذير من استيراد كميات كبيرة جدا من الغاز الجزائري، والاعتماد على الجزائر في إمدادات الغاز. لكي لا تصبح الجزائر روسيا جديدة٠حتى وإن كانت زيادة كميات الغاز المستوردة من الجزائر إلى إسبانيا لن تحل مشكلة الغاز الأوروبية واستقلالها عن روسيا، فحتى فرنسا طبعا من أجل حماية سوقها الداخلية لا تحبذ أن تصح بلد عبور للغاز. هذا طبعا وكانت دول الاتحاد الأوروبي قد استهلكت عام 2020 حوالي 400 مليار متر مكعب من الغاز الطبعي، واستوردت أكثر من 150 مليار متر مكعب أي 40 بالمائة من روسيا. ولهذا تريد الدول الأوروبية تسريع عملية التخلص من الوقود الأحفوري، وتنويع مصادر إمداداتها وتسريع مشاريع الطاقة المتجددة.