Abdul-fattah Abdul-fattah
قد ضلّ مركبُ قلبي حينما اجتهدا
فقد هفا وقضى مـــــن هفوةٍ كمَدا
أبحرتُ فيهِ ووجدي كانَ عاصفةً
فجاشَ فيَّ رعيــلٌ منه واحتشدا
هبّتْ عليه ريــــــــــاحٌ لا توافقهُ
نوتيهُ نزقٌ لا يرعـــــــــوي أبدا
فلا المنى أقبلتْ و الريـحُ مدبرةٌ
وما ملكتُ لكيدِ العاصــــفاتِ يدا
النوءُ يضــــــحكُ مما أشتهيه لهُ
يصيح لا ترتجي من ماحلٍ مددا
شريْتُ يأسي على ما فيه من كدرٍ
إذ أن سُوقَ الرجا من بعدِهم كسَدا
فمذ خروجي إلى الدنيا وغيهبِها
أُلهِمْتُ أنّ عذابـــــــي يومها وُلِدا
ما نحنُ إلا قرابيــــــــــناً مؤجلةً
كلٌّ إلى أجلٍ يجــــــري إذا نفدا
العيش في هذه الدنيا على مضضٍ
في منطق الدهرأضحى مهلةً و مَدى
إنّ الأماني و إن لذنـــا بها زمناً
كانت على عُريها أكذوبةً و صدى
كأن كل رجائي أو نزيفَ دمي
ولهفتي وانتـظاراتي انتهتْ بددا
يا عاذلي كُفَّ عن عذلي و هبكَ أنا
فما ثوابكَ من نبضٍ وقــــد خَمَدا
أما ترى أن ســـعياً ندّعيه قضتْ
فيه السنون بجورٍ ثمّ ضاعَ سُدى
و إن بارقة الآمــــــال قــد كذبت
و إن درباً مشـــــــيناهُ قــد ابتعدا
نوارسٌ غرّها في البحر زرقته
فما أصابت و إنْ سفـّتْ عليه هُدى
كعابثٍ برمالٍ فــــــــــوقَ شاطئه
أبني القصورَ على رمل المنى صعُدا
مالي بها غير كفّ الريح تصفعني
و فوقَها رَفَعَتْ أمواجُـــــــها زبدا
لو أن في عبث الأيـــــــــام مُنقَلبَاً
عن السفاهةِ تُســــــــعفْنا بما فُقِدا
لرحتُ أُحكمُ أعذاري لمن عذ لوا
و أدفع اليأس مهما طالَ أو حَرَدا
لكنني صــــرتُ لا أدري أمجديةٌ
مزاعمي أو قيامي في البلاءِ جَدا
هي الليالي تعرّي الهـــمَّ تفضحهُ
فأنسج الصبحَ ســـتراً فوقهُ ورِدا
وبتُّ أعلم أن العمــــــــر أحسنه
بميِّتٍ من أمــاني النفسِ قد فسدا
كم قيل أن زمـــــاني داجـنُ سلسٌ
فأصبح اليوم إذ أشــــــقى به أسدا
إن كنت يا عاذلي أنكرتَ موجدتي
فلذْ ببعضك واصمُتْ أو فقلْ سددا
دعني أداوي ببعضي بعضَ ما حطمتْ
تلك الرياح فحـــرّ الجرحِ ما برَدا
هذا العراق وهذا شــــــــجوهُ أزلٌ
كأنه بحرُ أحـــــــــــزان طما أبَدا
وددتُ لو أنّ ماء الكونِ رهنَ يدي
جعلتهُ لفُراتــَـــــيْ موطنــي مددا