المهندس سائر مقصود
نتفق جميعا على القول بأن :
شهر رمضان الكريم ومنذ ظهور التلفاز وخصوصا بعد فقاعة الاعلام العربي الفضائي ، بات شهرا لانجاز فعل تراكمي على المفعول فيه (الوعي الجمعي) الجاهز دوما للامتلاء مهما كان نوع المحتوى المقدم…
يمكننا أن نلاحظ أنه في المسلسلات التاريخية لرمضانيات السبعينيات كان يقدم الحديث الاسلامي واللباس العام للناس بطريقة مختلفة جدا عما يقدم عليه الآن
حتى نكاد نلحظ عدم اتفاق على هيئة الرسول وأتباعه ما بين مسلسلين لذات الممثلين، ولربما لنفس الكاتب والمخرج . أولهما قبل عشرين عام بانتاج محلي (مصري، سوري، عراقي) ، وثانيهما الآن بانتاج خليجي
هذا الامر يحمل استنتاجات كثيرة وتبرير لكثير مما نحن فيه الآن
*رمضان كريم للعقل السليم
خلال العقدين الماضيين وبفعل فاعل واستعداد المفعول فيه (المُفرغ جيدا مع نهاية الألفية الثانية) للجهل وللتخلف تحول شهر رمضان الكريم الى شهر ملء الفراغ العقلي العربي بآلاف الخزعبلات الدينية وإعادة إحياء آلاف الأفكار البالية وآلاف العادات الجاهلة
فصار هذا الشهر الفضيل المؤشر الفعلي والحقيقي للـ
"الضياع الانساني"
الذي نعيشه في خضم الأحمال الثقيلة المتجهز لها المفعول فيه دينيا ودراميا وغذائيا …..
ومن لا يصدق ، ليعد بالذاكرة قليلا:
اسقطت كاسندرا وشبيهاتها العقل الجمعي العربي بالكتف الزاحظ
ثم تلى ذلك
اول مسلسل (بيئة شامية ) لبسام الملا الذي كان عبارة عن فانتازيا تاريخية
أما الآن : فبات حقيقة، والامر ليس محصورا بتأثير هكذا دراما وانما بفكر يقدم حتى في برامج الأطفال والفواصل الدعائية
من لا يصدق فلينظر حوله في العمل ، في الشارع، فيشاهد وجه امرأة منفوخ ومشدود ومطلوس بآلاف المساحيق ولكنه ظاهر على طريقة هذه الفانتازيا ، وفي أحيان كثر يكون بنطال الجينز الضيق حاضرا ، المهم أن يكون الوجه على طريقة أم عصام حين دخول ولد ممن ربته ولكن ليس محرما عليها….
من لا يصدق فليسأل نفسه :
متى بدأت فورة النرجيلة في بلادنا تتصدر كل الساحات ، وكيف أغلقت مقاهي الثقافة أبوابها وكيف تستعد بيوتات الرياضة لتوقف نشاطاتها مقابل مقهى نرجيلة في كل حي
أنا لا أتهم بسام الملا أو اعمال (البيئة الشامية) فقط ، ولكن يمكن من خلالها الاضاءة على ضياع تظهر مؤشراته بوضوح أكثر خلال الشهر الفضيل (وجه الواقع في الدراما ، التظهير الحقيقي للنمط الاستهلاكي لحياتنا، …..)