بقلم رفعت شميس .
يمكن تعريف البطالة المقنعة بقولنا : هي زيادة وتكديس في العاملين في قطاع ما بدون عمل موكل إليهم وهي أحد أشكال الفساد الإداري .
ويمكن للوزير المختص أو المدير العام ومن له صلاحية التعيين أن يلعب دورا في زيادة عدد العاملين الذين لا عمل لهم مما يؤدي إلى خسائر كبيرة تدفعها الدولة من خزينتها بلا مقابل .
وبسبب الأزمة التي يمر بها قطرنا السوري هناك الكثير من العاملين الذين لا عمل لهم بسبب سيطرة المجموعات المسلحة على مناطق عملهم . فضلا عن تعيين العديد من العاملين من زوجات الشهداء وذويهم مما أدى إلى زيادة في
نسبة البطالة المقنعة .
وعندما قلنا أن البطالة المقنعة هي أحد أشكال الفساد الإداري فهذا لا علاقة له في الأزمة . وعلى سبيل المثال عام 2004 تجاوز عدد العاملين في مديرية ثقافة اللاذقية ال 100 عامل بينما في مديرية ثقافة دير الزور مثلا لم
يتجاوز الأربعين .
وإذا كان ينطلق البعض من مبدأ تقليص البطالة وإعطاء فرصة للعاطلين عن العمل كي يمارسوا الوظيفة الحكومية حتى لو كانوا زيادة على الملاك والاستحقاق الأساس .. فهذا لا يبرر أن تدفع الدولة رواتب وأجور لمستهلكين هم
في الواقع عبء على الدوائر الحكومية وبوجودهم يزداد صرف الإنارة والتدفئة والتكييف … فضلا عن الانفاق اللا مبرر له من قبل هؤلاء حيث يدفعون مبالغ متفاوتة للوصول إلى أعمالهم .
ولكن .. هل من حل ؟!! هل يمكن القضاء على ظاهرة البطالة المقنعة دون الإضرار بمصالح العاملين المقنعين ان صح التعبير ؟؟!
نعم . الحل موجود ومن شأنه أن يزيد في الناتج القومي ويمكن الاستفادة من الموارد البشرية إلى أبعد الحدود .
وأرى شخصيا أن الحل يكمن في أن تقوم الدولة بالتعاقد مع مستثمرين ورجال أعمال من القطاع الخاص في مشاريع انتاجية فتقدم الدولة اليد العاملة بينما يقدم المستثمر رأس المال اللازم للمشروع .
ونحن الآن في حالة إعادة بناء وإعمار بسبب الأزمة التي عصفت بقطرنا وبالتالي فهناك الكثير من المواد الأولية التي يمكن تصنيعها محليا والتي سنحتاج إليها في إعادة الإعمار .
لنأخذ مثلا مادة الزجاج .. فإذا قام أحد رجال الأعمال بإنشاء معمل لصناعة الزجاج وقامت الدولة بتقديم اليد العاملة ( من هؤلاء الموظفين العاطلين عن العمل الذين يتقاضون رواتبهم ) فترفد المشروع بالعمال والفنيين والاداريين
ويتم الاتفاق بين المستثمر والدولة على نسب أرباح معينة يحددها قانون الشراكة في القطاع المشترك . فهذا يؤدي إلى تقليص البطالة المقنعة ويعود بالفائدة على المستثمر من جهة وعلى الدولة من جهة أخرى فهي إضافة إلى أنها لن
تدفع رواتب لعاطلين عن العمل سوف يكون لها أرباح من ذلك المشروع .
قد يقول قائل : إن المستثمر سيكون عرضة لمخاوف في أن لا يؤدي موظفو الدولة واجبهم على أكمل وجه أو كما يراد لهم أن يكونوا . إلا أن الجواب الحاضر – واعتمادا على مقولة العقد شريعة المتعاقدين – يكون في الآتي :
1 – المستثمر هو رئيس مجلس الادارة .
2 – مراقب الدوام يتم اختياره أو تعيينه من قبل المستثمر .
3 – للمستثمر الحق في اقتراح معاقبة أو رفض العامل الذي يتقاعص في عمله .
4 – تنطبق على العاملين في المشروع أحكام القانون الأساسي للعاملين في الدولة دون تمييز عن سواهم في دوائر الدولة ومؤسساتها .
5- يكون للعامل هامش ربحي كحافز له وبحسب جهده .
نحن اخذنا مثالا واحدا لمشروع معمل للزجاج . فماذا لو كان لدينا العديد من المشاريع التي نحتاجها اليوم لإعادة البناء . ( صناعة الأنابيب البلاستيكية للصرف الصحي ومواسير المياه – صناعة العجلات والإطارات – صناعة مواد
البناء من بلاط وبورسلان وغيره – صناعة الديكور والأسقف المستعارة والستائر .. في الواقع هناك العديد من المشاريع التي يمكن اقامتها في مناطق عديدة ويمكن استيراد المواد الأولية للصناعات التحويلية ، ومن ثم يكون لدينا
فائض للتصدير ..؟.!!
هذا الرأي نضعه بين يدي المعنيين في الحكومة فهل يلقى آذان صاغية .