يسعى المنتخب الايطالي إلى استعادة مركزه بين الكبار عندما يشارك في نهائيات كأس أوروبا المقررة في بولندا وأوكرانيا، لكنه يخوض البطولة القارية بتشكيلة من "الصغار" تغيب عنها الأسماء الرنانة وتحت وطأة فضيحة "كالتشوكوميسي" التي دفعت رئيس الوزراء إلى الاقتراح بتعليق جميع الأنشطة الكروية في البلاد لعامين أو ثلاثة أعوام.
وكان المنتخب الايطالي تنازل عن لقبه بطلا للعالم بخروجه من الدور الأول لمونديال جنوب أفريقيا 2010، ما دفع الاتحاد المحلي إلى التعاقد مع تشيزاري برانديلي خلفا لمارتشيلو ليبي الذي قاد "الاتزوري" إلى لقب مونديال 2006.
ونجح برانديلي في المهمة الأولى التي واجهها حيث قاد "الأتزوري" إلى النهائيات القارية للمرة الخامسة على التوالي والثامنة في تاريخه رغم اعتماده على التنويع بهدف الوصول إلى تشكيلة شابة متجانسة تضم في صفوفها عددا قليلا من المخضرمين على غرار الحارس القائد جانلويجي بوفون وزميله في يوفنتوس اندريا بيرلو ومهاجم اودينيزي انتونيو دي ناتالي ومهاجم ميلان انتونيو كاسانو الذي تعافى تماما من الجلطة الدماغية التي تسببت بها مشكلة في قلبه في تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
وعول برانديلي منذ استلامه منصبه على كاسانو كأحد الركائز الهجومية الأساسية في تشكيلته ونجح لاعب روما وسمبدوريا السابق في الارتقاء إلى مستوى المسؤولية وساهم في وصول بلاده إلى النهائيات وتحقيقها 8 انتصارات وتعادلين في المباريات العشر التي خاضتها في المجموعة الثالثة.
وتلقى المنتخب الايطالي ضربة قاسية بإصابة مهاجم فياريال الاسباني جوسيبي روسي وغيابه عن الملاعب ما سيحرمه من المشاركة مع المنتخب الذي سيعول في خط المقدمة على "المشاغب" ماريو بالوتيللي الذي يملك الإمكانيات ليلعب دورا بارزا في حملة بلاده الصعبة كونها وقعت ضمن المجموعة التي تضم اسبانيا بطلة العالم وحاملة اللقب وكرواتيا وجمهورية ايرلندا، لكن على مهاجم مانشستر سيتي الانكليزي أن يتخلى عن تصرفاته "الصبيانية" المتهورة والتي تسببت بإيقافه ومن ثم استبعاده من قبل مدربه في بطل الدوري الممتاز مواطنه روبرتو مانشيني.
ويعول برانديلي في الدفاع على ثلاثي يوفنتوس جورجيو كييليني واندريا بارزاغلي وليوناردو بونوتشي في تشكيلة يطغى عليها عامل الشباب خلافا للتشكيلات السابقة في البطولات الأخيرة حيث كان عنصر الخبرة طاغيا في "الأتزوري".
"يتعين علينا أن نمنح الثقة إلى الجيل الجديد لأنه يمثل التفاؤل والحماس"، هذا ما قاله برانديلي في تصريح لموقع الاتحاد الدولي لكرة القدم، مضيفا "هدفي تحقيق النتائج من خلال تقديم لعب جميل. لكن بما أننا خضنا في الأشهر الثمانية الأخيرة مباراتين فقط، فيجب البدء من الصفر مجددا".
وتضمنت تشكيلة برانديلي سبعة لاعبين من يوفنتوس دون وجود أي مهاجم من صفوف "السيدة العجوز"، بالإضافة إلى لاعبين لم يسبق لهم أن خاضوا أي مباراة دولية هما المهاجم فابيو بوريني (روما) ولاعب الوسط ايمانويلي جاكيريني (يوفنتوس).
لم يتردد برانديلي في إبعاد بعض الأسماء المعروفة في خط المقدمة، وبالتالي سيتابع بابلو اوزفالدو واليساندرو ماتري وجانباولو باتزيني والبرتو جيلاردينو وفابيو كوالياريلا وماركو بورييلو النهائيات من أمام شاشات التلفزة.
وقد علل برانديلي استبعاد هؤلاء بقوله "لا أريد مهاجمين غير متحركين يبقون في بقعة معينة من الملعب"، مشيرا أيضا إلى أن المسلكية لعبت دورها أيضا في التخلي عن البعض، لكن يبدو أن هذا الأمر لم يؤثر على قراره بشأن بالوتيللي الذي قال عنه المدرب: "ماريو موهبة نريد مساعدتها على الظهور تماما ونؤمن بقدرتنا على تحقيق ذلك خلال نهائيات أوروبا المقبلة. كما أن الأجواء تساعده على التركيز فقط على المنتخب الوطني".
واعتبر برانديلي ان افتقاد "الأتزوري" لنجوم من الطراز العالمي الرفيع لن يمنعه من تحقيق النتائج المرجوة.
ورد برانديلي على أجواء الإحباط في ايطاليا نتيجة الافتقاد إلى نجوم العيار الثقيل وإلى الجيل القادر على الارتقاء ب"الأتزوري" وقيادته لتكرار سيناريو 2006 عندما فاجأ الجميع وتوج بلقب مونديال 2006.
ورأى مدرب فيورنتينا السابق خلال مشوار المنتخب في التصفيات أن اللعب الجماعي هو الأساس من اجل تحقيق الانجازات الدولية وبان أجواء التشاؤم تضاءلت، مضيفا "الأجواء أصبحت الآن أكثر صفاء، التشاؤم الذي حصل بعد كأس العالم اختفى. الانتقادات دفعتنا إلى القيام بمجهود إضافي. إن ارتياحي الشخصي ناجم عن رؤيتي لمجموعة من اللاعبين يلعبون كفريق، يعلمون كيف يلعبون. الجميع قال بأننا أصبحنا أمواتا لكننا على قيد الحياة. ما زال بإمكاننا أن نكون فريقا رائعا دون لاعبين رائعين رغم أننا نملك بعض اللاعبين (الرائعين) بدءا من بوفون".
وسيكون مركز ثقل المنتخب، الفائز بلقب البطولة القارية مرة واحدة عام 1968 والذي خرج من ربع نهائي نسخة 2008 على يد اسبانيا بركلات الترجيح، في وسط الملعب بوجود لاعبين من طراز بيرلو وتياغو موتا ودانييلي دي روسي وكلاوديو ماركيزيو الذي يشكل ثنائيا متفاهما مع بيرلو في خط وسط يوفنتوس.
وسيدخل الايطاليون إلى نهائيات بولندا وأوكرانيا وسط المشاكل الجديدة التي تعصف باللعبة في بلادهم وآخر فصولها فضيحة "كالتشيوكوميسي"، أي المراهنة على مباريات كرة القدم، التي أدت إلى اضطرار برانديلي للتخلي عن مدافع زينيت سان بطرسبورغ الروسي دومينيكو كريشيتو لأنه من المشتبهين بتورطه في الفضيحة التي أدت إلى قيام الشرطة بمداهمة غرفته في معسكر المنتخب.
لكن معنويات برانديلي لم تتأثر بهذا الفصل الجديد من الفضائح إذ أكد بان منتخبه سيسعى إلى تبييض سمعة الكرة الايطالية من خلال تحقيق النتيجة المرجوة في كأس أوروبا.
وإذا كانت فضائح من هذا النوع تسبب الإحباط في جميع الدول فان بعض الايطاليين أصبحوا يتفاءلون بها لأنها قد تمهد لتتويج آخر لمنتخب بلادهم، كما حصل مع فضيحتي "توتونيرو" عام 1980 و"كالتشيوبولي" عام 2006، لان "الأتزوري" تمكن بعدهما من الفوز بكأس العالم عام 1982 بفضل الهداف باولو روسي الذي أوقف لثلاثة أعوام بسبب تورطه بهذه الفضيحة ثم تم تخفيف العقوبة إلى عامين من اجل السماح له بالمشاركة في العرس العالمي الذي توج هدافا له، وعام 2006 الذي شهد إنزال يوفنتوس إلى الدرجة الثانية، كما كانت حال ميلان عام 1980، إضافة إلى تجريده من لقبي الدوري لعامي 2005 و2006.
ا ف ب