لن أسمح لمناسبة كهذه أن تمر دون أن أرفع يدي محيياً ذكرى هذا الأديب الذي سحرنا برواية ( الوباء ) و ( بلد واحد هو العالم ) و… و … ونحن في معمعة الدراسة الجامعية .. في ثمانينيات القرن الماضي .. وستعرفون إذا أتيح لكم الإطلاع على أعمال هذا الأديب الذي اقتحم عالم الرواية بجرأة منقطعة النظير لماذا أصررت على تحيتي .. أديب لم يعد يذكره الأدباء والمهتمون إلا نادراً ونادراً جداً .. بينما لا تزال بعض رواياته تحتل الصدارة في واجهة مكتبتي الخاصة أعود إليها كلما اشتقت إلى عوالمه ..
ولد هاني الراهب في قرية ( مشقيتا ) بمحافظة اللاذقية عام 1939 وحاول كتابة الرواية وهو في الرابعة عشرة من عمره , درس الأدب الإنكليزي في الجامعة الأمريكية ببيروت ونال الدكتوراه من جامعات بريطانيا .. مارس التدريس بعد ذلك في جامعة دمشق .. ثم في الكويت ولج عالم الرواية من بابها الأوسع فحازت روايته الأولى (المهزومون) التي كتبها خلال ثلاثين يوماً متتالياً على جائزة مجلة الآداب البيروتية عام 1961 .
وفي عام 1970 جاءت روايته الثانية ( شرخ في تاريخ طويل ) ثم ( ألف ليلة وليلتان ) عام 1977 .
في الثمانينيات صدرت ( الوباء ) التي أثارت اهتمام النقاد وحاز فيها على جائزة اتحاد الكتاب العرب لعام 1983 وتم اختيارها كواحدة من أهم مئة رواية صدرت في القرن العشرين ثم ( بلد واحد هو العالم ) عام 1985 و ( التلال ) عام 1988 وأطلق بعد ذلك مشروعه الروائي خماسية ( كل نساء المدينة ) التي صدر منها ( خضراء كالمستنقعات ) و ( خضراء كالحقول ) و ( خضراء كالبحار ) و ( خضراء كالحب ) وصدر الجزء الخامس ( خضراء كالعلقم ) بعد وفاته ثم أصدر رواية ( رسمت خطاً في الرمال ).
وله مجموعتان قصصيتان بعنوان ( جرائم دون كيشوت ) و ( المدينة الفاضلة ) وأعمال عديدة مترجمة .
يعتبر هاني الراهب أحد أهم المجددين في الرواية العربية ، وقد سئل مرة عن جائزة نوبل وموقفه منها فأجاب: (بالنسبة لجائزة نوبل أنا لست مرشحا لها والذي كتبته حتى الآن هو ثماني روايات اثنتان منها فقط جديرتان بالقراءة والست الأخريات لا بأس بهن ولدي كذلك مجموعتان قصصيتان, وهذه الجائزة إذا استثنينا منها الجانب المالي وهو جانب لعله الشيء الإيجابي الوحيد فيها , جائزة سيئة السمعة جدا نظرا لتدخل السياسة فيها بعيدا عن الاعتبارات الثقافية ومن ذلك بشكل خاص ترويجها قيما إمبريالية ورأسمالية لا تناسبني أنا العربي الذي أعتز بتراثي وحضارتي )
توفي في 6 شباط 2000 بعد معاناته من مرض عضال .
إعداد : محمد عزوز