أعدّ الصحفيان ستيفان كالين وستيفان بويل في رويترز تقريرًا عن مجموعة مسيحية تحارب داعش بدعمٍ من متطوعين غربيين. يصف الكاتبان أحد هؤلاء المتطوّعين: "يظهر وشم لميخائيل رئيس الملائكة على ظهر جندي بالجيش الأمريكي عاد مؤخرًا للعراق لينضم الى فصيل مسيحي يقاتل تنظيم الدولة الإسلامية فيما يعتبرها حربًا بين الخير والشر.
يحمل بريت البالغ من العمر 28 عامًا نفس الإنجيل الصغير الذي كان يحمله حين ذهب الى العراق عام 2006، ويضع صورة لمريم العذراء بين صفحاته وخطوطًا بلونٍ مميز على الآيات المحببة الى قلبه. ولدى سؤاله عن المقارنة بين التجربتين قال: "هناك اختلافٌ شديد… هنا أنا أقاتل من أجل الناس والدين والعدو أكبر كثيرًا وأكثر وحشيةً"."
يعلّق الكاتبان على تدفق آلاف الأجانب على العراق وسوريا في العامين الأخيرين، حيث انضمّ معظمهم لتنظيم داعش الإرهابي، لكن مجموعة من الغربيين ينضمون للمعركة الى جانب الطرف المقابل، مشيرين الى الإحباط من أنّ حكوماتهم لا تبذل المزيد من الجهد لمحاربة الإسلاميين المتشددين او منع معاناة الأبرياء.
بحسب التقرير، يحمل الفصيل الذي انضمّ اليه هؤلاء المقاتلون الغربيّون اسم "دويخ نوشا"، وهو ما يعني التضحية بالنفس باللغة الآرامية القديمة التي كان يتحدثها المسيح وما زال يستخدمها المسيحيون الأشوريون الذين يعتبرون أنفسهم السكان الأصليين للعراق.
يصف الصحفيان خريطةً معلقةً على الجدار بمكتب الحزب الأشوري المرتبط بفصيل "دويخ نوشا"، حيث وضعت علامات على البلدات المسيحية في شمال العراق المنتشرة حول مدينة الموصل، والتي "يخضع معظمها الآن لسيطرة داعش الذي اجتاح الموصل الصيف الماضي ووجه إنذارًا للمسيحيين إما دفع الجزية أو اعتناق الإسلام أو الموت بحد السيف، ما أدى الى فرار الأغلبية"، ويضيف الكاتبان أنّ فصيل "دويخ نوشا" يعمل الى جانب قوات البشمركة الكردية لحماية القرى المسيحية على الخط الأمامي في محافظة نينوى.
يتابع التقرير حديثه عن بريت، الذي كتب على سترته العسكرية من الأمام عبارة ملك نينوى باللغة العربية، والذي اكتفى -على غرار غيره من المتطوعين الأجانب- بذكر اسمه الأول فقط خوفًا على سلامة عائلته وهو الوحيد الذي شارك في القتال حتى الآن. أما غيره من المقاتلين الذين وصلوا الأسبوع الماضي، فقد أعادتهم أجهزة الأمن الكردية من على الخط الأمامي يوم الجمعة طالبةً منهم الحصول على تصريحٍ رسمي. يقول بريت: "هذه بعض من البلدات الوحيدة في نينوى التي تدق فيها أجراس الكنيسة، صمتت الأجراس في بقية البلدات الأخرى وهذا غير مقبول".
وتحت عنوان "وقف بعض الأعمال الوحشية"، يتناول التقرير قصّة تيم، المقاتل الذي أغلق شركة المقاولات التي يملكها في بريطانيا العام الماضي وباع منزله واشترى تذكرتي طيران الى العراق واحدة له والأخرى لمهندس البرمجيات الأمريكي البالغ من العمر 44 عامًا الذي تعرف اليه عن طريق الانترنت. التقى الرجلان في مطار دبي وسافرا الى مدينة السليمانية الكردية وأقلتهما سيارة أجرة الى دهوك التي وصلا اليها الأسبوع الماضي.
قال تيم البالغ من العمر 38 عامًا، والذي كان يعمل بجهاز السجون فيما سبق: "انا هنا لأحدث فرقًا، وآمل وضع نهاية لبعض الأعمال الوحشية"، وأضاف: "في الحقيقة انا مجرد شخص عادي من انجلترا".
ويضيف التقرير: "أما سكوت، مهندس البرمجيات، فقد خدم في الجيش الأمريكي في التسعينيات، لكنه كان يقضي معظم وقته مؤخرًا أمام شاشة الكمبيوتر في نورث كارولاينا، حيث هالته صور متشددي داعش وهم يلاحقون أبناء الأقلية اليزيدية بالعراق، وأصبح يركّز اهتمامه على النضال من أجل بلدة عين العرب كوباني الحدودية السورية. وكانت البلدة هدفًا لحملة شرسة من الجهاديين الذين صدتهم وحدات حماية الشعب الكردية المزودة بأسلحة خفيفة مدعومة بضربات جوية أمريكية".
بحسب رويترز، كان سكوت يعتزم الانضمام لوحدات حماية الشعب التي استقطبت مجندين أجانب، لكنه عدل عن ذلك قبل توجهه للشرق الأوسط بأربعة أيام بعد أن انتابه الشك في صلات الوحدات بحزب العمال الكردستاني. وخشي سكوت ومتطوعون آخرون من فكرة عدم السماح لهم بالعودة الى بلادهم اذا ما ارتبطوا بحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه الولايات المتحدة وأوروبا كجماعة إرهابية، كما عبروا أيضًا عن رفضهم لأيديولوجية الحزب اليسارية.
يشير الكاتبان أنّ فصيل "دويخ نوشا" يضمّ امرأةً واحدة، وفي حديثٍ معها قالت إنّ دور النساء في وحدات حماية الشعب كان مصدر إلهام لها، لكنها تجد نفسها في القيم التقليدية للفصيل المسيحي.
وأضافت المرأة التي وضعت قبعة بيسبول فوق القناع الذي لم يظهر منه سوى عينيها: "إنّ التفسير المتشدد للدين الإسلامي هو أساس الكثير من الصراعات وينبغي احتواؤه".
يختم التقرير بأنّ جميع المتطوعين عبّروا عن استعدادهم للبقاء في العراق لأجلٍ غير مسمى، في حين قال بريت ردًا على سؤالٍ حول احتمال تعرضه للقتل: "كلنا سنموت"، وأضاف: "إحدى الآيات المحببة الى قلبي في الإنجيل تقول كن أمينًا الى الموت فسأعطيك إكليل الحياة".